الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس الالتزام بجماعة من الجماعات الإسلامية فرض عين كالصلاة والصوم، وغاية ما في ذلك أن التعاون مع الجماعات الإسلامية السنية مشروع ما لم يترتب عليه محذور شرعي آخر، والواجب على المسلمين جميعًا أن ينصروا دينهم، وأن يعملوا لخدمته والدعوة إليه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يكونوا إخواناً، ولا يتهاجروا ولا يتدابروا، كما أمر الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
وقال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا تَهَاجَّرُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَحَسَّسُوا .. وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والعمل الدعوي الجماعي المنضبط هو من التعاون والتناصر والتآخي على الحق، ولذا؛ فهو مشروع مرغب فيه، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى: 4321.
وننصح كل من يتعاون مع الجماعات الإسلامية أن يكون واضحًا صريحًا، في منهجه الشرعي، يبين لإخوانه أن ولاءه للحق، وأن عمله مع مجموعة ما لا يعني براءته أو كرهه لغيرها، بل كل مؤمن يوالي ويحب على قدر طاعته ودينه من أي طائفة كان. وأما عقد الولاء على اسم أو شعار أو شخص فهذا من فعل أهل البدع، ومن زعم أنه يجب مبايعته أو مبايعة طائفته، ونزل أحاديث البيعة في ذلك فهو مبتدع مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة، كما سبق بيانه في الفتوى: 5900.
وأما السؤال: هل يجوز لأي جماعة تحت الاحتلال أن تلغي الجهاد؟ فالجواب: لا، فإن شريعة الجهاد باقية إلى يوم القيامة، قال الإمام البخاري في صحيحه: باب الجهاد ماض مع البر والفاجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
قال ابن حجر في الفتح: هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه بنحوه أبو داود وأبو يعلى مرفوعا وموقوفا عن أبي هريرة، ولا بأس برواته إلا أن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة، وفي الباب عن أنس أخرجه سعيد بن منصور وأبو داود أيضا، وفي إسناده ضعف .. وفي الحديث الترغيب في الغزو على الخيل، وفيه أيضا بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة، لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين وهم المسلمون، وهو مثل الحديث الآخر: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق .. الحديث. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا. متفق عليه.
والله أعلم.