مهر البغي وهل تعذر الزانية لفقرها

23-2-2009 | إسلام ويب

السؤال:
يا إخواني يا آبائي بالله... أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة موضوعي وما فيه عن بنات الليل، اتصلت بي هذا الصباح بنت منهم غلطانة في الرقم، ولكن فهمتها إنها بنت منهن، فاستدرجتها بالكلام وبدأت تحكي لي قصة حياتها، كانت أليمة وأصبحت تبكي على التليفون. وقالت لا أدري ما الذي جعلني أتصل بك، وحاولت إغلاق الخط ولكن لم أتركها تغلقه عرفت عنها يعني الحاجات التي أريدها، فما رأيكم يا علماءنا، والبنت تبحث عن الهداية ولكن تقولي لي بعد أن أجمع رأس المال الكافي، فقلت لها ما بني على الحرام فهو حرام، قالت لي هات لي حلا؟ قلت لها أي وظيفة محترمة، قالت: أكبر وظيفة سيعطوني كم؟ أنا عندي بنتان، ولا أستطيع الصرف عليهم، قل لي لي ماذا أفعل؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت أيها السائل في الاسترسال في الحديث مع هذه المرأة التي اتصلت بك، وكان الواجب عليك أن تقطع الكلام معها فوراً، خصوصاً بعدما تبين لك أنها مريبة... فالواجب عليك هو التوبة إلى الله سبحانه مما كان منك وأن تستغفر لذنبك، فإن الكلام مع المرأة الشابة عموماً لغير حاجة ذريعة الفساد وباب للشرور والفتن، فما ظنك بالحديث مع هذه التي ذكرت من حالها ما ذكرت، والله سبحانه يقول: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا {النساء:27}.

وأما قولها إنها تريد التوبة، ولكن بعد أن تجمع المال الكافي فهو قول فاسد قبيح وهو من تلبيس الشيطان عليها ومكره بها، فمن ضمن لها أن توفق بعد ذلك التوبة، ومن ضمن لها أن تقبل توبتها أصلاً، بل ومن ضمن لها ألا يفجأها الموت بغتة، قال ابن الجوزي رحمه الله: وربما بغت العاصي ولم يبلغ بعض أمله، وكم خير فاته بآفاته، وكم بلية في طي جناياته، قال لقمان لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة. اهـ

وهذا القول أمارة على عدم صدقها في طلب التوبة، فإن الصادق في طلب التوبة يبادر إليها ولا يعدل بها شيئاً، وهذه الأموال المذكورة لها لا يجوز الانتفاع بها، بل هي سحت يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة كغيرها من الأموال المحرمة، ففي صحيح مسلم عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام.

وأما ما تتحدث عنه من فقرها وحاجتها هي وبناتها فليس عذراً لها فيما تفعل، فإن أعظم أبواب الرزق والسعة في المال والرغد في العيش هو تقوى الله سبحانه، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:3}، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {الأعراف:96}، فإذا كان العيش قد ضاق بها فعليها أن تتوجه بالتوبة إلى الله والدعاء والتضرع إليه سبحانه أن يفتح لها أبواب الرزق، وأن يرزقها من فضله الواسع، وقد جاء في الحديث القدسي: يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. رواه مسلم.

ثم عليها أن تطلب النفقة ممن تجب نفقته عليها، فأين أبوها وأين إخوتها وأين أعمامها كل هؤلاء تلزمهم نفقتها طالما أنها محتاجة، ثم أين والد بنتيها فإنه هو الذي تلزمه نفقة هاتين البنتين دونها... فإن لم يكن لها أحد ممن ذكر وكانت تقدر على العمل فإن عليها أن تعمل، فإذا لم يكفها راتبها فعليها أن تطلب المساعدة من أرحامها أو أهل الخير من المسلمين كالجمعيات الخيرية المتخصصة ونحوها من المؤسسات حتى يوفروا لها ما يكفيها من المال، والواجب على كل من علم بحالها من المسلمين أن يساعدها إذا قدر على ذلك... وننبهك إلى أنه لا يجوز لك أن تتصل بها ولا أن تقابلها، بل غاية الأمر أن تعلم أهل الخير والفضل من المسلمين بحالها حتى يعاونوها على إصلاح دينها ودنياها، وينبغي أن يكون ذلك بواسطة بعض النساء.

والله أعلم.

www.islamweb.net