الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسيانك للطلاق لا يلغيه، ومادامت زوجتك متيقنة من أنك أوقعت عليها ثلاث تطليقات فلا يجوز لها أن تمكنك من نفسها لأنها قد حرمت عليك وبانت منك بينونة كبرى، وكونك لم تقصد إبانتها لا اعتبار له، فقد تساهلت في إلقاء الطلاق والتلاعب به ثم ندمت ولات ساعة مندم، فاتق الله عز وجل، واعلم أن زوجتك قد حرمت عليك وبانت منك بينونة كبرى فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك.
لكن ننبه إلى أن أهل العلم ذكروا أن الرجل إذا لم يقر بثلاث تطليقات وليست للزوجة بينة على الثالثة أن القول قوله فيصدق، وقيل يحلف، ثم يخلى بينه وبين زوجته لكن ليس لها تمكينه من نفسها كما ذكرنا ما دامت متيقنة من وقوع الثلاث.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق، إلا أن يكون لها بما ادعته بينة ولا يقبل فيها إلا عدلان.. فإن لم تكن بينة أي للزوجة فهل يستحلف أي الزوج فيه روايتان، نقل أبو الخطاب أنه يستحلف، وهو الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولكن اليمين على المدعى عليه. وقوله: اليمين على من أنكر. . اهـ
وقال ابن الهمام في فتح القدير: المرأة كالقاضي لا يحل لها أن تمكنه من نفسها، إذا علمت منه ما ظاهره خلاف مدعاه. اهـ
وبعض أهل العلم يوجب على الزوجة أن تفتدي منه بما تستطيع لتخلص نفسها من الوقوع معه في الحرام إذ لا يحل لها أن تمكنه من نفسها وهو رأي وجيه.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: إن شهدت عليه البينة بإقراره فلا كلام في وقوع الطلاق عليه وإن لم تشهد عليه البينة بإقراره وسمعت ذلك منه زوجته فإنها لا تمكنه ولا تتزين له إلا وهي مكرهة... (ولتفتد منه ... ) يعني أنه يجب على المرأة حين سمعت إقراره ولا بينة لها أن تفتدي منه بما قدرت عليه ولو بشعر رأسها لتخلص نفسها منه، فإن لم يطلقها وطلب منها الجماع فإنه يجب عليها أن لا تطيعه ولا تمكنه. انتهى.
وبناء عليه فالمسألة شائكة ولابد من رفعها للقضاء ولا يمكن الاكتفاء فيها بالسؤال والجواب عن بعد.
والله أعلم.