الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهكَ إلى أن هذه الفوائد إن كانت ناشئةً عن وضع المال في بنك ربوي، فهي من الربا المحرم الملعون آكله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوزُ لك امتلاكها، بل يجب عليك التخلص منها في مصالح المسلمين، أو دفعها إلى الفقراء والمساكين، وإنما تُزكي أصل المال إذا كان نصابا، كما يجبُ عليك التوبة النصوح من هذا الذنب، والمبادرة بإخراج المال من البنك الربوي.
وأما إن كان البنك المودعة فيه هذه الأموال بنكا إسلاميا، فإن موضوع سؤالك هو المعروف عند العلماء بالمال المستفاد والمال المستفاد على قسمين:
الأول: أن يكون نماء الأصل كعروض التجارة ونتاج السائمة، فهذا يزكى بزكاة أصله بلا خلاف. والثاني: أن يكون من غير نماء الأصل كما هو الحال بالنسبة لك، فمذهب الجمهور إن كل مال استفيد فإنه يزكى عند حولان حوله، فإذا بلغ مالك نصابا وجبت عليك زكاته عند حلول الحول، فإذا استفدت مالا آخر في أثناء الحول فإنك تحسب له حولا مستقلا، وهكذا في جميع ما تكتسبه أثناء الحول ما لم يكن المال المستفاد نماء الأصل كما قدمنا.
ومذهب أبي حنيفة أن المال المستفاد يزكى بزكاة الأصل مطلقا وعليه فإنك تنظر الوقت الذي بلغ فيه مالك نصابا، فإذا جاء رأس الحول زكيت ما بيدك من مال، فالمال المستفاد تابع للأصل عندهم مطلقا، ولا شك في أن هذا المذهب أرفق في الحساب، ولكن الراجح هو قول الجمهور لعموم حديث: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. أخرجه الترمذي ورجح الحفاظ وقفه.
وإذا كان العمل بقول أبي حنيفة أرفق بك فلا بأس في العمل به، فإن غايته أنك تعجل الزكاة قبل حلولها، وهذا جائز عند الجمهور، ولمزيد الفائدة في حكم المال المستفاد راجع الفتوى رقم: 29995، 15966.
وأما ما تقرضه للناس من أموال يرجى أداؤه فزكاته واجبة عليك، وأنت مخير على الراجح بين أن تخرجها مع زكاة مالك، أو أن تخرجها حين قبض الدين لما مضى من السنين، وهذا مذهب أحمد رحمه الله. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب إخراجها مع زكاة مالك وإن لم تقبض المال، وهذا أحوط، والراجح عندنا الأول.
والله أعلم.