الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد أسأت أولا فيما قمت به، فهذا العمل من إشاعة المنكرات في المجتمع، ويترتب عليه من المحرمات ما لا يعلمه إلا الله، وقد تقدم الكلام على ما يسمى الصداقة بين الرجال والنساء، وبيان ما فيها من محرمات في الفتوى رقم: 11945.
ثم إنك قد أحسنت بالتوبة إلى الله، وقد قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وقال صلى الله عليه وسلم: النَّدَمُ تَوْبَةٌ. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
والتوبة الصادقة تمحو الذنوب مهما عظمت، قال تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ {النحل:119}
وما دمت قد تبت إلى الله، وبينت لصديقك أن ما يفعله محرم، وندمت على ذلك، فلا وزر عليك إن شاء الله، فإن من تاب وأصلح، وبين خطأ ما كان سببا فيه تاب الله عليه، كما قال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {البقرة:160}.
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: { إِلا الَّذِينَ تَابُوا } أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب، ندما وإقلاعا، وعزما على عدم المعاودة { وَأَصْلَحُوا } ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن، ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا، حتى يبين ما كتمه، ويبدي ضد ما أخفى، فهذا يتوب الله عليه، لأن توبة الله غير محجوب عنها، فمن أتى بسبب التوبة، تاب الله عليه، لأنه { التَّوَّابُ } أي: الرجاع على عباده بالعفو والصفح، بعد الذنب إذا تابوا، وبالإحسان والنعم بعد المنع، إذا رجعوا، { الرَّحِيمُ } الذي اتصف بالرحمة العظيمة، التي وسعت كل شيء، ومن رحمته أن وفقهم للتوبة والإنابة، فتابوا وأنابوا، ثم رحمهم بأن قبل ذلك منهم، لطفا وكرما، هذا حكم التائب من الذنب. انتهـى.
وننصحك باستمرار دعوتك لصديقك، وحثه على ترك ما هو فيه من المعاصي، إن كنت تأمن ألا يفتنك بعد توبتك، وإلا فاتركه وشأنه، عسى الله أن يتوب عليه.
والله أعلم.