الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم صديقتك وسائر موتى المسلمين، وأن يرزقك الصبر على فقدها، ونذكرك بهذه البشارة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الْجَنَّةُ. رواه البخاري في صحيحه.
قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: قَوْله إِذَا قَبَضْت صَفِيّه هُوَ الْحَبِيب الْمُصَافِي كَالْوَلَدِ وَالْأَخ وَكُلّ مَنْ يُحِبّهُ الْإِنْسَان, وَالْمُرَاد بِالْقَبْضِ: قَبْض رُوحه، وَهُوَ الْمَوْت، والْمُرَاد بِاحْتَسَبَهُ: صَبَرَ عَلَى فَقْده رَاجِيًا الْأَجْر مِنْ اللَّه عَلَى ذَلِكَ. انتهى.
وأما عن صلاة الغائب عليها، فالراجح -والله أعلم- أن صلاة الغائب مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلي عليه، أما من صلي عليه حيث مات فإنه لا يصلى عليه صلاة الغائب، كما بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 30687 .
وبخصوص الدعاء للميت وإهداء ثواب الأعمال الصالحة له من الحي فإنه ينتفع بذلك ويصل ثوابه إليه على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك بأدلته ومذاهب العلماء فيه في الفتويين : 5541، 8150 ، فنرجو الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما .
وأما عن قول الشيخ ابن عثيمين في مسألة إهداء ثواب الأعمال فهو يرى رحمه الله جواز ذلك، ويرى أن الأفضل هو الالتزام بما ندب إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء والاستغفار للميت ونحو ذلك مما ثبت في السنة.
وأما عن سوء الظن فلا شك أنه منهي عنه؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ .{الحجرات: 12}.
والظاهر أن سوء ظنك كان مجرد خواطر على القلب دون تحقيق ذلك أو التكلم به، لأنك دافعت عنها والتمست براءتها وحاولت التثبت في المرتين، وهذا من المعفو عنه، كما ثبت في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ. رواه البخاري ومسلم. وراجعي الفتوى رقم: 20456، ففيها مزيد بيان لهذا الحديث.
ويكفي إن شاء الله في كفارة سوء الظن ما لم يصحبه قول أو عمل به: التوبة والاستغفار، ولو أضفت إلى ذلك الدعاء لصاحبتك والاستغفار لها فهو خير لك ولها، ولمزيد من التفصيل حول أحوال سوء الظن وما يجب في كل منها من كفارة راجعي الفتويين: 10077، 116193.
والله أعلم.