الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما بالنسبة للشق الأول من سؤالك وهو المتعلق بالعقيقة عن ابنكِ وابنتك، فاعلمي أن العقيقة مشروعة عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة، ويمكن أن تؤدى عن الولد ذكرا أو أنثى في أي وقت ما لم يبلغ الحلم، وإنما المستحب أن تكون في يوم السابع، ولكنها إن فعلت بعده أجزأت، وعليه فيجوز لكما أن تعقُا عن ولديكما.
وأما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك فاعلمي أن في العقيقةعن النفس خلاف بين العلماء، فمن أجازها ورأى مشروعيتها أجاز لزوجك أن يعق عن نفسه، وإذا وهبك زوجك ما تعقين به عن نفسك جاز لكِ أن تعقُي عن نفسك بهذا المال، ومن قال إن العقيقة غير مشروعة عن النفس فإنه لا يرى لكما أن تعقُا عن نفسيكما، والراجح عندنا جواز العقيقة عن النفس وأنها مشروعة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم : 118736، وقد بيّن النووي رحمه الله في شرح المهذب هذه الأحكام التي تقدمت الإشارة إليها بما يحسن نقله عنه، قال رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ السَّبْعَةِ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ عَنْ سِنِّ الْبُلُوغِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا: إنْ لَمْ تُذْبَحْ فِي السَّابِعِ ذُبِحَتْ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ، وَإِلَّا فَفِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، ثُمَّ هَكَذَا فِي الْأَسَابِيعِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَتْ السَّبْعَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَاتَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَخَّرَ حَتَّى بَلَغَ سَقَطَ حُكْمُهَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلُودِ. وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْعَقِيقَةِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ: وَاسْتَحْسَنَ الْقَفَّالُ وَالشَّاشِيُّ أَنْ يَفْعَلَهَا، لِلْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ" وَنَقَلُوا عَنْ نَصِّهِ فِي "الْبُوَيْطِيِّ" أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَاسْتَغْرَبُوهُ. هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ رَأَيْت أَنَا نَصَّهُ فِي "الْبُوَيْطِيِّ" قَالَ: وَلَا يَعُقُّ عَنْ كَبِيرٍ. هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ نَقَلَهُ مِنْ نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا سَبَقَ. ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ "لَا يَعُقُّ عَنْ الْبَالِغِ غَيْرُهُ" وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ عَقِّهِ عَنْ نَفْسِهِ.
وأما: الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي عَقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَفْسِهِ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ الْمُكَرَّرَةِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ. وَهَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، انتهى.
وعليه فيشرع لك ولزوجك أن تعقا عن أنفسكما الآن، ولا مانع أن يهب لك زوجك من ماله ما تعقين به عن نفسك، ولا يخفى أن العقيقة لا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزئ فيها الدجاج ونحوه، بل لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام.
والله أعلم.