الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعمرةُ الصبي جائزة، وإن كان غير مميز لما أخرجه مسلمٌ في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: لقي ركباً بالروحاء، فقال: من القوم؟ فقالوا: من أنت؟ فقال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر.
قال في مواهب الجليل:
يستحب الحج بالصبيان ويأمر به ويستحسنه وعلى ذلك جمهور العلماء في كل قرن. وقالت طائفة: لا يحج بالصبيان، وهو قول لا يشتغل به ولا يعرج عليه .انتهى.
ويحرمُ عن الصبي غير المميز وليه، ويجنبه محظورات الإحرام، وقد بينا كيفية حج الصبي، وما يلزمُ الولي فعله إذا أراد الحج به في الفتوى رقم: 28354، وانظر أيضاً الفتوى رقم: 120681.
وأما تغطية الصبيُ ببطانية أو نحوها، فجائزٌ لا حرج فيه، إلا أنه لا يُسترُ رأس الغلام، لأن ستر رأس الرجل من محظورات الإحرام، والصبي يُجنبُ ما يُجنبه الكبير، قال الخرقي في مختصره:
وإذا حج بالصغير، جنب ما يتجنبه الكبير، وما عجز عنه من عمل الحج عمل عنه.
وقال النووي في المجموع:
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُجَنِّبَهُ مَا يَجْتَنِبُهُ الرَّجُلُ. انتهى
لكن إن خيفَ على الصبي من البرد، واحتيج لستر رأسه جاز، ولزمت الفدية، وهي في مال الولي على الأصح عند الشافعية وهو مذهب مالك، وهذه الفدية على التخيير، بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، قال النووي في شرح المهذب:
لَوْ طَيَّبَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ وَأَلْبَسهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ قَلَّمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ، فَالْفِدْيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ بِلَا خِلَافٍ،. وَإِنْ فَعَلَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ وَمَصْلَحَتِهِ فَطَرِيقَانِ: أحدهما: الْقَطْعُ بِأَنَّهَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ وأصحهما: وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ كَمُبَاشَرَةِ الصَّبِيِّ ذَلِكَ فَيَكُونُ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ أصحهما: الْوَلِيُّ والثاني الصَّبِيُّ. انتهى بتصرف.
والله أعلم