الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأكل لحم الإبل من نواقض الوضوء عند الحنابلة خلافا للجمهور، وقول الحنابلة أقوى في الدليل كما صرح بذلك النووي رحمه الله، وقد بيّنا رجحان هذا المذهب في الفتوى رقم: 108507، ولكن إذا شك الإنسان هل ما أكله لحم إبل أو لحم غنم لم تنتقض طهارته؛ لأن بقاء طهارته يقين، واليقين لا يزول بالشك، فيبقى على الأصل وهو بقاء الطهارة، قال ابن قدامة رحمه الله: إذا علم أنه توضأ وشك هل أحدث أو لا؟ بنى على أنه متطهر. وإن كان محدثا فشك هل توضأ أو لا فهو محدث. يبني في الحالتين على ما علمه قبل الشك، ويلغي الشك. وبهذا قال الثوري وأهل العراق والأوزاعي والشافعي وسائر أهل العلم فيما علمنا إلا الحسن ومالكا. انتهى.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ثم اعلم أن الإنسان إذا كان على وضوء ثم شك في وجود الناقض، بأن شكّ هل خرج منه بول أو ريح أو شكّ في اللحم الذي أكله هل هو لحم إبل أو لحم غنم فإنه لا وضوء عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن الرجل يخيّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. رواه البخاري ومسلم. يعني حتى يتيقن ذلك ويدركه بحواسه إدراكا معلوما لا شبهة فيه، ولأن الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه، حتى نعلم زواله، فالأصل أن الوضوء باق، حتى نعلم زواله وانتقاضه. انتهى. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 49066.
والله أعلم.