الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسؤالك يتضمنُ عدة نقاطٍ، ونحنُ نجيبُ عنها تباعاً.
أولاً: الواجب في الاغتسال من الجنابة هو الاغتسال بالماء القراح أي الخالص من الصابون ونحوه من المطهرات أو المخلوط بما لا يغيره منها، لكن هل يجوز التطهر من الجنابة بالماء والصابون؟
نقول: إن كان المراد خلط الصابون بالماء، بحيث يتغير به الماء ففي جواز التطهر بماءٍ خالطه طاهر غيّرَه قولان للعلماء، فمذهب أبي حنيفة وروايةٌ عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية صحة التطهر به، ومذهب الجمهور المنع من التطهر به، وقول الجمهور أحوط، وإن كان القول بجواز التطهر به أقوى في الدليل، وانظر الفتوى: 13417، وأما إن كان المراد استعمال الصابون في البدن، ثم صب الماء المطلق عليه، بنية رفع الجنابة، فهذا جائزٌ لا حرج فيه، وانظر الفتوى: 119784.
ثانياً:
مسُ الذكر أثناء الغسل لا يُبطل الغسل، ولا يوجبُ إعادته بلا خلاف بين أهل العلم، فإن مس الذكر لا يبطل الغسل بعد انقضائه، فلم يكن مُبطلاً له في أثنائه، وإنما ينقض مس الذكر الوضوء، فمن غسل أعضاء الوضوء ثم مس ذكره أثناء الغسل انتقض وضوؤه ولزمه إعادته، وانظر الفتوى: 122475.
واعلم أن للفقهاء أقوالاً في دخول الوضوء في الغسل من الجنابة، أصحها أن الحدث الأصغر يرتفعُ بارتفاع الحدث الأكبر، ولو لم ينو رفعه، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
الاستحمام إن كان عن جنابة: فإنه يكفي عن الوضوء ؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا. فإذا كان على الإنسان جنابة وانغمس في بركة أو في نهر أو ما أشبه ذلك، ونوى بذلك رفع الجنابة وتمضمض واستنشق: فإنه يرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر ؛ لأن الله تعالى لم يوجب عند الجنابة سوى أن نطَّهَّر، أي: أن نَعُمَّ جميع البدن بالماء غسلاً، وإن كان الأفضل أن المغتسل من الجنابة يتوضأ أولاً ؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل فرجه بعد أن يغسل كفيه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه، فإذا ظن أنه أروى بشرته أفاض عليه ثلاث مرات، ثم يغسل باقي جسده. انتهى. وانظر الفتوى: 107363.
ثالثاً:
جميعُ ما ذكرته ليس من نواقض الوضوء، إلا ما كان من خلاف العلماء في لمس المرأة هل هو ناقض للوضوء أو لا، والمُفتى به عندنا أنه ليس ناقضاً للوضوء، وانظر لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52686، 120411.
وننبهكَ إلى أن النظر إلى الأجنبيات مُحرم سواءٌ في التلفاز وغيره، لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}. وكذا مصافحة النساء الأجنبيات محرمة، وقد بينا حرمة مصافحة الأجنبية في الفتوى: 2412.
والله أعلم.