الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان مرض جدته مرضا مخوفاـ ولو كانت في كامل قواها العقلية ـ فإن ما أمرت به من بيع بعض الذهب والتصدق بثمنه، وهبة بعضه وكذا القراريط لأخواتها بمثل نصيب وارث كل هذا يأخذ حكم الوصية، كما قال ابن قدامه في المغنى: وحكم العطايا في مرض الموت حكم الوصية. انتهى.
هذا إذا أوصت أن ينفذ ذلك في حياتها، وأما إذا أوصت أن ينفذ بعد مماتها فهذه وصية في حقيقتها، وفي كلا الحالين لا يمضي ما أوصت به إلا في حدود الثلث ولغير وارث، فيؤخذ ما أوصت به من الذهب والقراريط جميعا بما لا يزيد على ثلث التركة فيصرف الذهب في الصدقة للمسجد، والهبة للنساء بشرط أن يكن غير وارثات، وكذا القراريط لإخوتها بشرط أن يكونوا غير وارثين ـ أن يكونوا محجوبين حجب حرمان ـ ومن كان من النساء والإخوة وارثا فإنه لا يأخذ شيئا من الوصية، لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا ولا تمضي إلا برضا الورثة، وبشرط أن يكون الورثة بالغين عقلاء.
وإن زاد ما أوصت به من الذهب ومن القراريط على الثلث فإنه يؤخذ ثلث الذهب وثلث القراريط، ويصرف فيما أوصت به على ما ذكرنا.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.