الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك التوبة النصوح إلى الله عز وجل، فإنه لم يكن يجوز لك أن تترك دفع ما وجب عليك دفعه من المال، فإن هذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وكونك كنت محتاجاً إلى هذا المال لا يسوغ لك غشهم، وإيهامهم بأنك دفعت هذا المال، بل كان الواجب عليك أن تذكر لهم عذرك وحاجتك، وتطلب منهم الإنظار إلى ميسرة، ومن تمام توبتك أن ترد المال إلى أصحابه، ولا يجوز لك أن تتصدق به، فإن المال إذا كان له مالك معين وجب رده إليه، ولم يجز التصدق به، قال النووي في المجموع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله، فإن كان ميتاً وجب دفعه إلى وارثه. انتهى.
فمن كان حاضراً منهم فالواجب عليك أن تدفع إليه حصته من هذا المال، ومن كان غائباً منهم فإن أمكنك أن تتصل عليه وتخبره بما له في ذمتك فتفعل ما يأمرك به في شأن هذا المال فافعل، وإن لم يمكنك ذلك انتظرت حتى يعود فتدفع إليه حصته من هذا المال، فإن ذلك هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يشترط أن تخبرهم بسبب استحقاقهم لهذا المال، لا سيما إن كنت تخشى ترتب مفسدة على ذلك.
والله أعلم.