الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس لصديقكَ رحمه الله أن يوصي بجميع تركته لأخته، لأنها أحد ورثته، والوصية للوارث غير نافذة إلا بإذن الورثة لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبو داود و الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
فإن أجاز هذه الوصية الورثة جازت في قول الجمهور، وإلا فهي باطلة.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن الإنسان إذا أوصى لوارثه بوصية فلم يجزها سائر الورثة لم تصح بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر و ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا، وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك .... إلى أن قال: وإن أجازها جازت في قول الجمهور من العلماء، وقال بعض أصحابنا الوصية باطلة وإن أجازها سائر الورثة إلا أن يعطوه عطية مبتدأة أخذا من ظاهر قول أحمد في رواية حنبل : لا وصية لوارث. وهذا قول المزني وأهل الظاهر، وهو قول للشافعي، واحتجوا بظاهر قول النبي صلى الله عليه و سلم: لا وصية لوارث. وظاهر مذهب أحمد و الشافعي أن الوصية صحيحة في نفسها وهو قول جمهور العلماء، لأنه تصرف صدر من أهله في محله فصح كما لو وصى لأجنبي، والخبر قد روي فيه: إلا أن يجيز الورثة. والاستثناء من النفي إثبات فيكون ذلك دليلا على صحة الوصية عند الإجازة، ولو خلا من الاستثناء كان معناه لا وصية نافذة أو لازمة أو ما أشبه هذا، أو يقدر فيه لا وصية لوارث عند عدم الإجازة من غيره من الورثة .انتهى.
وإذا لم يكن المورث ترك غير هؤلاء المذكورين فإن لأخته نصفها لقوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ. {النساء:176}.
ولأولاد أخيه الشقيق الذكور منهم دون الإناث ما بقي بالتساوي، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
وليس لأبناء أخيه غير الشقيق شيء لأنهم محجوبون بأبناء الأخ الشقيق.
فتأخذُ هذه الأخت نصفها، ويجبُ عليها أن تترك الباقي لمستحقيه من الورثة، إلا أن يرضوا بتركه لها عن طيب نفس منهم لما قدمنا.
والله أعلم.