الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنيئا لك بما وفقك الله من السلام على من تشاجرت معهم والسماح لهم وعدم الحقد عليهم، وعليك بمواصلة ذلك ومقابلة إساءتهم بالإحسان فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
فإذا واصلوا قطيعتك وهجرانك بعد كل ذلك خرجت من القطيعة وباءوا هم بالإثم، ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم. رواه مالك وأبو داود وصححه ابن حجر، وزاد أحمد: وخرج المسلم من الهجرة.
وقال الزرقاني في شرحه للموطأ : وخيرهما أي أفضلهما وأكثرهما ثوابا ( الذي يبدأ ) أخاه ( بالسلام ) لأنه فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب مع ما دل عليه ابتداؤه من حسن طويته وترك ما كرهه الشرع من الهجر والجفاء. قال الباجي وعياض وغيرهما: وفيه أن السلام يخرج من الهجران وهو قول مالك والأكثرين، وقال أحمد وابن القاسم: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا. اهـ
والله أعلم.