الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أن البنت إذا بلغت الحلم فقد أصبح الحجاب فرضا متحتما عليها لا يسعها تركه بحال، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 123610.
وكما أنه لا يجوز لها خلع الحجاب، فلا يجوز لها أن تلبس من الثياب المزينة ما ينافي الحشمة المقصودة من الحجاب، فإن الحجاب له شروط ومواصفات شرعية لا تجوز مخالفتها، وقد بيناها مفصلة في الفتاوى التالية: 6745، 9428، 13914.
والذي ننصحك به في هذا المقام أن تقبلي على ابنتك بالتربية والتعليم، وتهتمي في ذلك بجانب العقيدة فترسخي في فهمها أن ما قضاه الله وحكم به لا يجوز لأحد أن يتعقبه برأي ولا نظر ولا هوى، فقد قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا. {الأحزاب: 36}.
فهي إذا ليست مخيرة في أمر الحجاب ولا في غيره من الاختلاط المحرم بالرجال الأجانب ولو كانوا ذوي قربى، بل لزاما عليها أن تستجيب لأمر ربها في الحجاب وستر زينتها، ولا يجوز لأحد من أقاربك أن يعترض عليك في هذا بحجة أنها ما زالت صغيرة، فهي وإن كانت صغيرة في نظرهم، فإنها في حكم الله مكلفة مؤاخذة، فأي الحكمين أهدى سبيلا وأقوم قيلا؟
وفي النهاية ننبهك على أن من أسباب غياب هذه المفاهيم عن ابنتك واستنكارها بهذه الطريقة هو إقامتكم في تلك البلاد، حيث الفتن الهادرة كأمواج البحر المتلاطمة، ومن أجل ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقامة في بلاد الكفر فقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءا ناراهما. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
وقد سبق لنا الكثير من الفتاوى التي تبين أن إقامة المسلم في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط، ويراجع في ذلك الفتاوى التالية: 11316، 2007، 21567.
والله أعلم.