الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك بفعل بعض الطاعات مع اقتراف بعض المعاصي، تكون ممن خلط عملاً صالحًا وآخر سيئًا، وإن لم يتجاوز الله تعالى عن سيئاتك فإنها توزن يوم القيامة بحسناتك، وتكون العبرة بالراجح منهما. ولتحذر من حبوط بعض عملك الصالح بسبب إصرارك على بعض المعاصي؛ فكما أن الحسنات يذهبن السيئات، فكذلك بعض الذنوب تكون سببًا في ذهاب الحسنات. وانظر الفتويين: 8404، 41314.
ولا يحملنك تقصيرك مع الله على ترك ما تزاوله من الخير، فإن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولا أقل من ذلك، ولكمال عدله سبحانه يجزيك على إحسانك وإن كنت مسيئًا، وانظر الفتويين: 40781، 73587.
وإن مما يعينك على الاستقامة على أمر الله وعدم غشيان معاصيه: علمك بحقارة الدنيا وسرعة انقضاء أيامها، وعلمك بأن دين العبد هو رأس ماله، وأن العبد إذا فرَّط في جنب الله لأجل شهوة عابرة أو لذة زائلة فإنه مغبون حيث يشتري الفاني بالباقي.
ومن أسباب الاستقامة كذلك أن تسأل الله تعالى بذل وإلحاح أن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن تتخذ صحبة من الشباب الصالح المؤمن؛ فإن صحبتهم من أعظم المعينات على الثبات على طريق الحق، ففتش عنهم وانتظم في سلكهم، واعبد الله معهم، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وأن تجتهد في الابتعاد عن جميع ما يهيج غريزتك ويدفعك للمعاصي من غشيان للأسواق والأماكن المختلطة، ومن الاختلاء بالكمبيوتر والإنترنت، وانظر الفتوى رقم: 23243. ولمزيد بيان راجع الفتاوى التالية أرقامها: 16976، 23498، 15219، 21743.
والله أعلم.