الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب عليكم أن تجتهدوا في تعلم أحكام الشرع، وتبحثوا عمّا يجب عليكم من حقوق الله تعالى، ثم ليعلم أن الزكاة متى وجبت عليكم فهي دين في ذمتكم فلا تبرؤون إلا بدفعها، ولا يجزئكم أن تخرجوها لسنة واحدة، كما لا يجوز لكم أن تؤخروا إخراجها مع القدرة عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فالواجب على كل منكم أن يحسب حصته من هذا المال، فإذا بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من نقود أخرى أو عروض تجارة، فالواجب عليه إخراج زكاة جميع تلك السنوات التي دارت على المال وهو نصاب ولم يخرج زكاتها قبل التصرف في هذا المال، ولا تحصل براءة الذمة إلا بذلك، ولمعرفة خلاف العلماء في كيفية حساب زكاة السنوات الماضية راجع الفتويين رقم: 121528، 44009.
ومن كان عاجزا عن إخراج الزكاة لكونه لا يملك ما يخرجها به أو يحتاج إلى ما بيده من المال في ضرورات الحياة من مأكل أو مشرب أو مسكن أو ملبس أو دواء، فلا إثم عليه في تأخير إخراجها، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. وتجب عليه المبادرة بإخراجها متى قدر على ذلك لما تقدم.
ثم إننا ننبهك إلى أن هذا المال إن كان موضوعا في بنك ربوي، فما نتج عنه من الفوائد في تلك المدة دين أيضا في ذمتكم يجب عليكم التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين أو بدفعه إلى الفقراء والمساكين، فإن كنتم من المستحقين لهذا المال لكونكم فقراء ومساكين جاز لكم أن تتصدقوا به على أنفسكم. قال النووي نقلا عن الغزالي رحمهما الله: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أول من يتصدق عليه.
والله أعلم.