الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوصية الرجل ببعض تركته (الأرض والإيجار) لأحد أبنائه، هي وصية لا عبرة بها، سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة؛ لأنها وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعًا، كما فصلناه في الفتوى: 124867.
وكونه زوَّج أحد أبنائه، هذا لا يبرر تلك الوصية، كما بيناه في الفتوى المشار إليها، وإذا كان الميت قد ترك دينًا عليه -كما جاء في بيانات السؤال-، فإنه يجب قضاء دينه من التركة قبل قسمتها على الورثة، فيخرج قدر الدين، ويقتسم الورثة الباقي، لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، لقول الله تعالى في آيات المواريث: ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... {النساء:11}.
قال صاحب الروض: (وَيُخْرِجُ) وصيٌّ، فوارثٌ، فحاكمٌ (الوَاجِبَ كُلَّهُ، مِنْ دَيْنٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِهِ)؛ كزكاةٍ ونذرٍ وكفارةٍ، (مِنْ كُلِّ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ)؛ لقولِهِ تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ). اهـ.
وإذا كان القرض الذي عليه قرضًا ربويًا، فالواجب هو تسديد رأس الدين فقط، دون الزيادة الربوية، كما بيناه في الفتوى: 116405.
وإذا كان الرجل قد توفي عن زوجتين وخمسة أبناء وثلاث بنات، ولم يترك أبًا ولا أمَّا ولا جدًا ولا جدة، فإن لزوجتيه الثمن بينهما بالسوية، لقول الله تعالى في نصيب الزوجات: ... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ... {النساء: 12}، والباقي يقسم بين أبنائه وبناته -تعصيبًا- للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .... {النساء:12}، ولا شيء للأخوات الشقيقات، والأخوات من الأب، وابن الأخ من الأب، وابن العم الشقيق؛ لأنهم جميعًا محجوبون حجب حرمان بالفرع الوارث الذكر (الابن) الذكر. وكذا لا شيء لحمل زوجة ابن الميت -سواء ولد ذكرًا أو أنثى-؛ لأنه محجوب حجب حرمان بالابن المباشر.
فتقسم التركة على (208) أسهم؛ للزوجتين الثمن (26) سهمًا، لكل واحدة (13) سهمًا، ولكل ابن (28) سهمًا، ولكل بنت (14) سهمًا.
وأخيرًا ننبه السائل إلى أنه لا يجوز له أن يغتاب زوجة أبيه ووصفها بأنها طماعة أو سيئة الخلق، حتى لو كانت متصفة بذلك، لأن هذا من الغيبة، ولا حاجة لذكر هذه الغيبة في السؤال. وانظر الفتوى: 98340.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًا وشائك للغاية، وبالتالي؛ فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.