الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك هو سداد القرض الذي أخذته من قربيك، ولا يتعين سداده من المبلغ الذي لك على الشركة، فبادري بسداده من أي مبلغ تحصلين عليه طالما أنك موسرة به، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وأما ما رفض استلامه منك من قرضه حتى يكتمل جميعه فهو لك، ولا حرج عليك في تصرفك فيه، وما أقرضك إياه باق في ذمتك حتى تؤديه، واحذري مماطلة صاحبه والتواني في سداد ما عليك من الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
وفي مسند أحمد وغيره عن جابر قال: قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
كما ننبهك على حرمة التعامل بالفيزا التي تترتب عليها فوائد ربوية، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:278-279}.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
وانظري الفتوى رقم: 2834.
فتوبي إلى الله تعالى مما كان منك وتخلصي من تلك البطاقة وشرورها، وإذا بعت أسهمك أو غيرها ولم يتسع ثمنها لسداد جميع ديونك وكانت جميعها حالة، فالواجب هو المحاصة بين قرض الرجل وقرض البطاقة ولا تجعلي المبلغ في أحد الدينين دون الآخر إذا ليس أحدهما أولى بالوفاء من الآخر إلا إذا كان أحدهما مؤجلا والآخر حالا، فيبدأ بالحال، أوإن أمكن استئذان أحدهما في التأخير في سداد دينه وقبل بذلك فلا حرج، وكذا إن كان في تأخرك عن سداد قرض الفيزا زيادة ربوية فالأولى أن تبدئي بسداد قرضها للتخلص من فوائدها المحرمة، وضررها الماحق، وينبغي لك استئذان صاحب القرض الأول تطييبا لخاطره، ومتى استطعت سداد دينه بادرت إليه وأحسنت له الوفاء.
والله أعلم.