الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية والشفاء، وأن يصرف عنك ظاهر الإثم وباطنه، ويقيك شر نفسك والشيطان.
واعلم أيها السائل أن من أفسد الأشياء للقلب تعلقه بغير الله سبحانه ـ سواء بحب الدنيا وجمع المال أو بحب الأشخاص وعشق الصور ونحو ذلك ـ وما ذكرته من حبك لهذه المرأة حبا شديدا أوصلك إلى عشقها، لا شك أنه خطر عظيم، وقد بينا خطر العشق وأثره في إفساد الدين وتضييع مصالح الدنيا والآخرة، وسبل علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 117632، 9360، 27626.
وأما حبك لهذا اللاعب بهذه الطريقة فلا شك أنه مذموم، ويكفي في بيان ذم هذا الحب بغضك له وارتيابك فيه ورغبتك في التخلص منه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد: يا وابصة استفت قلبك، والبر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.
وما نقلت عن ابن القيم من أنه جعل علامة العشق تقديم حق المعشوق على حق الله نقل في غير محله، فإن ابن القيم إنما يتحدث في هذا عن العشق الذي بلغ غايته وتجاوز مداه وقارب أن يصل بصاحبه إلى حد الشرك والعياذ بالله، وأما ما دون ذلك فقد يقع العشق في قلب إنسان ولا يمنعه ذلك من تقديم بعض حقوق الله على حق معشوقه، وهذا في الظاهر. أما في الباطن، فإنه يكون مشتغلا بالعبادة بجوارحه فقط أما قلبه فإنه يكون غالبا مع معشوقه ومحبوبه.
فالواجب عليك ـ رحمك الله ـ أن تجتهد في التخلص من هذه الآفات، فإن تخلصت منها فستفتح لك ـ إن شاء الله ـ أبواب الذكر والطاعة والإقبال على الله جل وعلا، ونذكرك بأن المبالغة في الحب مذمومة على كل حال حتى ولو كان الحب مشروعا، فقد روى أبو داود وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما. صححه الألباني. كما نذكرك أن الواجب على المؤمن أن يجعل حبه لله وفي الله، فيحب أهل الإيمان والذكر والطاعة لا أن يبذل حبه ووده لأهل اللهو واللعب والخوض.
وراجع فضل الحب في الله وعلاماته في الفتاوى التالية أرقامها: 64315، 52433، 21881.
والله أعلم.