الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نحن المسلمين ندعو غيرنا للإيمان بالله تعالى ورسله وعمل الخير واجتناب الشر وذلك امتثالا لأمر الله تعالى واتباعا لأنبيائه الذين جاءوا لهداية الناس ودعوتهم إلى الخير، قال الله تعالى: َومَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}.
وقال صلى الله عليه وسلم: لَأنْ يَهْدِي بَكَ اللهُ رجلاً واحداً خيرٌ لكَ مِنْ حُمْرِ النعم. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجُورِ مَنْ تبعه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً. رواه مسلم.
والدعوة إلى الله واجب كفائي على جميع أفراد الأمة، وهي واجب عيني على كل فرد بحسب استطاعته وقدر علمه، كما تقدم في الفتوى رقم: 49278.
فنحن نقوم بالدعوة إلى الله تعالى أداء لواجب افترضه الله علينا وإيصالا للخير للمدعوين.
ثم ما ذكرت من أن عدم دعوتهم أفضل لهم ليس بصحيح، لأن الله تعالى أنقذ كثيرا منهم من الكفر بسبب الدعوة، وكونهم يمتحنون يوم القيامة ـ على القول به ـ لا يعني أن ذلك خير لهم، لأنه لا يؤمن منهم في ذلك الوقت إلا من كان سيؤمن في الدنيا، وذلك لما جاء في الحديث: وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما. رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني.
وهذا فيمن لم يسمع بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستبعد الوجود في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم بمنزلة القرية الواحدة لظهور الدعوة عبر وسائل الإعلام وغيرها وانتشار وسائل الاتصال وسهولة المواصلات.
وأما من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمن به، فلا عذر له ولا يمتحن، كما في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار.
ولذلك فإن عليك ألا تترك الدعوة إلى الله تعالى، لأنك بتركها تكون قد فرطت في أمر واجب، لما فيها من الخير العظيم لك ولمن تدعوهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36739
وأما سؤالك: هل النار أعدت إلخ، والجنة إلخ؟ فإن من المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم ما خلقت له النار وما خلقت له الجنة، فقد بين الله عز وجل لنا في محكم كتابه أنه أعد النار للكافرين عموما، فقال تعالى: وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {آل عمران:131}.
وقال تعالى: عن الجنة{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران:133}.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومما يجب على المكلف اعتقاده أن الله سبحانه قد خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه، وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته وكتبه ورسله.
فلا ينبغي للمسلم طرح مثل هذا السؤال بهذا الأسلوب.
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.