الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أن نلفت انتباهك إلى أن الاحتلام إنما يطلق على خروج المني في النوم وبالتالي: فلا يتصور حصوله عن قصد.. وعلى أية حال، فإذا خرج منك مني أثناء النوم فهذا لا يفسد الصوم وعليك إتمامه، لأن النائم مرفوع عنه التكليف وما يصدر منه ليس باختياره، قال ابن قدامة في المغني: ولو احتلم لم يفسد صومه، لأنه عن غير اختيار منه. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: لا أثر للاحتلام في الصوم، ولا يبطل به باتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام: ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام.
ولأن فيه حرجا، لعدم إمكان التحرزعنه إلا بترك النوم، والنوم مباح وتركه غير مستطاع، ولأنه لم توجد صورة الجماع، ولا معناه وهو الإنزال عن شهوة بمباشرة. انتهى.
وإن خرج منك المني يقظة بسبب تكرارك النظر إلى ما يثير شهوتك أو بسبب ملامسة أو استمناء ونحو ذلك فهذا لا يسمى احتلاما، وصيامك باطل على القول الراجح ولا كفارة عليك عند الجمهور، كما تقدم في الفتوى رقم: 114318.
وعليك إمساك بقية يومك لحرمة الشهر مع وجوب القضاء، ففي مجموعة فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين:
وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم بدون عذر، ترتب على ذلك أربعة أمور:
الإثم، وفساد الصوم، ووجوب الإمساك بقية ذلك اليوم، ووجوب القضاء.انتهى.
وقال النووي في المجموع: معناه أنه إذا أبطل الصوم بالأكل أو غيره صار خارجا منه، فلو جامع بعده في هذا اليوم لا كفارة عليه، وإن كان آثما بهذا الجماع، لأنه كان يجب عليه إمساك بقية النهار، ولكن وجوب الإمساك لحرمة اليوم والكفارة إنما تجب على من أفسد الصوم بالجماع، وهذا لم يفسد بجماعه صوما. انتهي.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: وقال ابن جزي من المالكية: وأما إمساك بقية اليوم، فيؤمر به من أفطر في رمضان خاصة، عمدا أو نسيانا، لا من أفطر لعذر مبيح ثم زال العذر مع العلم برمضان، فإنه لا يندب له الإمساك. انتهى.
وإذا كان الذي يثير شهوتك مما يحرم النظر إليه كامرأة أجنبية مثلا وجب غض البصر والابتعاد عنه في رمضان وغيره، امتثالا لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور الآية:31}.
مع أن المعصية في رمضان ونحوه من الأزمنة الفاضلة يضاعف فيها الإثم كما يضاعف ثواب الطاعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26027.
والله أعلم