الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في المسافر إذا رجع لبلده وهو صائم، فذهب المالكية إلى أنه يحرم عليه الفطر وإذا أفطر يجب عليه القضاء والكفارة، كما نص عليه مالك في المدونة وبسطه شراح مختصر خليل، وللشافعية قولان في جواز الإفطار وعدمه ذكرهما النووي في المجموع والأصح عدم الجواز.
قال النووي: إذا قدم المسافر وهو صائم، هل له الفطر؟ فيه وجهان مشهوران وأصحهما عند القاضي أبي الطيب وجمهور الأصحاب لا يجوز. انتهى.
وأما الأحناف فيكره عندهم الفطر، كما قال الكساني: ولا يجب عندهم الإ القضاء، كما نص عليه الجصاص والسرخسي.
قال السرخسي في المبسوط: مسافر أصبح صائما في رمضان ثم أفطر قبل أن يقدم مصره أو بعد ما قدم فلا كفارة عليه. انتهى.
وأما الحنابلة فقد جزم ابن قدامه في الكافي بعدم جواز الفطرعندهم، وإذا لم يكن جائزا فالظاهر من كلامهم وجوب الكفارة، كما قال صاحب الروض المربع: ومن جامع في نهار رمضان ولو في يوم لزمه إمساكه ولو ناسيا أو جاهلا أو مكرها فعليه القضاء والكفارة. انتهى.
فتجب الكفارة عند المالكية والحنابلة وكذا الشافعية في أحد القولين فهي إذن مذهب أكثر أهل العلم فالصواب أداؤها، قال النووي في الروضة: ولو أصبح مقيما صائما ثم سافر لم يجز له فطره وبه قال غيره من أصحابنا فعلى الصحيح لو أفطر بالجماع لزمته الكفارة.
ولا تجب عند الأحناف.
وأما التفريق بين الجماع الذي حصل به الإنزال وبين الجماع الذي لم ينزل صاحبه، فلا نعلم أحدا قال به.
والله أعلم.