الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك برك بأمك ونسأله تعالى أن يرحمها رحمة واسعة، وأما اقتراضك لتحج عنها فجائز إذا كنت ترجو الوفاء، وأنت مأجورعلى ذلك ـ إن شاء الله ـ ولكن ذلك لا يجب عليك ولا على إخوتك إذا كانت أمك لم تخلف من التركة ما يمكن أن يحج به عنها، وانظر الفتويين رقم: 7090، ورقم: 29507، ولو حثثت إخوانك على البذل من مالهم لأجل الحج عن أمك لينالوا ثواب البر بها كان ذلك أمرا حسنا.
وأما سؤالك الناس وطلب المساعدة منهم في تحصيل تكاليف الحج عن أمك فلا نرى لك ذلك، فإذا لم يف مالك ومال إخوتك بتكاليف الحج فلا تعرض نفسك لذل المسألة فإنها مذمومة، وقد دلت النصوص الكثيرة على المنع منها وعلى مدح تاركها، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا، فكان أحدهم يسقط سوطه فلا يطلب من أحد أن يناوله إياه، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقبيصة بن مخارق الهلالي: يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ ـ يَا قَبِيصَةُ ـ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا.
والله أعلم.