الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الحال على ما ذكرت من عدم إطاقة زوجتك للجماع بسبب هذه الآلام الشديدة, فإن الواجب عليها أن تتعالج من هذا, ورفضها للعلاج غير جائز، لما يؤدي من الإضرار بك ومنعك من حقوقك الشرعية الثابتة بالعقد من استمتاع ونحوه, ولا يجوز لها ولا لوليها أن يضعوا لذلك شروطا غير جائزة كتلك الأموال التي يطلب منك أبوها أن توقع عليها.
فإن رفضوا العلاج أو تعذر علاجها من ذلك فحينئذ يثبت لك خيار فسخ النكاح، لأن الراجح من كلام أهل العلم أن كل عيب لا يحصل معه مقصود النكاح فإنه يثبت به الخيار، قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في زاد المعاد: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار. انتهى.
أما إذا استجابت للعلاج وبرئت فلا فسخ حينئذ، جاء في الفواكه الدواني: قال خليل: وأجلت الرتقاء للدواء بالاجتهاد ولا تجبر عليه إن كان خلقة.
قال شراحه: ولا مفهوم للرتقاء، بل ذات القرن والعفل مما يمكن مداواته كذلك، ويلزم الرجل الصبر حيث لم يلزم على مداواتها حصول عيب في فرجها، كما أنها تجبر على ذلك إذا طلبه الزوج إذا كان لا ضرر عليها في المداواة. انتهى.
وفي جامع الأمهات: وداء الفرج في المرأة ما يمنع الوطء أو لذته كالرتق والقرن والعفل وزيد البخر والإفضاء إلا أن يكون الرتق مما يعالج إلا أن يمتنع من العلاج. انتهى.
وكما يثبت الخيار لك بعيب الفرج هذا، فإنه يثبت بهذه الرائحة الكريهة المنفرة، لدخولها تحت الضابط السابق إلا إن أمكن علاجها، كما سبق.
فإذا فسخت النكاح فحينئذ ترجع عليها بالمهر، لأنها قد غرّتك ولم تخبرك بهذه العيوب مع علمها بها, أما وإذ كتمت فوجب عليها أن ترد عليك صداقك.
جاء في الفروع عند كلام ابن مفلح عن الرد بالعيب: هل يرجع بالمهر على من غره أم لا؟ فيه روايتان والصحيح من المذهب الرجوع عليه بالمهر، اختاره الخرقي وغيره، وقدمه في المغني. انتهى.
وهذا ما لم يثبت منك رضا بالعيب، فإن وجد منك رضا بالعيب فقد سقط حقك في الخيار, جاء في المغني لابن قدامة : وخيار العيب ثابت على التراخي لا يسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضا به من القول والاستمتاع من الزوج أو التمكين من المرأة هذا ظاهر كلام الخرقي. انتهى.
ولكن وجود الرضا منك وإن كان يسقط حقك في الفسخ لا يسقط حقك في مطالبتها بالتداوي والعلاج، فإن أبت فهي ناشز ويجوز لك حينئذ أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال, على ما بيناه في الفتوى رقم:76251 .
والله أعلم.