الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تعليم العلم الشرعي من آكد الواجبات التي يجب على الأئمة وغيرهم من العلماء أن يقوموا بها وأحسن أماكنه المسجد، ففي حديث مسلم: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسوانه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.
وقال النووي في المجموع: يستحب عقد حلق العلم في المساجد وذكر المواعظ والرقائق ونحوها، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: أما قراءة العلم في المسجد فمن السنة القديمة، ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة. انتهى.
وقد بوب الإمام البخاري على رفع الصوت بالعلم وأسند فيه الحديث وفيه: فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار.
قال ابن بطال: وهذه حجة في جواز رفع الصوت في المناظرة في العلم. وذكر ابن عيينة قال: مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه وقد ارتفعت أصواتهم بالعلم. انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح: استدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله: فنادى بأعلى صوته. وإنما يستدل بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد وكثرة جمع أو غير ذلك، ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته. أخرجه مسلم. ولأحمد من حديث النعمان في معناه وزاد: حتى لو أن رجلا بالسوق لسمعه. انتهى.
وإذا كانوا لا ينتظرون فالأولى أن تقدم لهم دروس مختصرة، ولا يسوغ أن يؤخر الدرس من أجل أن بعض الحاضرين يريد ذلك من أجل أذكارهم أو لغرض آخر إذا كانوا لا ينتظرون الدرس، لأن الدرس نفعه متعد وهو مقدم على الأذكار.
وعلى الإمام أن يتخول الناس بالموعظة فلا يكثر عليهم فيملوا، وأن لا يتحدث إلا فيما يحسن لا سيما الحديث في تفسير القرآن الكريم.
وراجع الفتويين رقم: 100994، ورقم: 115587.
والله أعلم.