الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى يحب الصابرين ويجازيهم في الآخرة أعظم الجزاء. قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب. {الزمر:10}.
وحقيقة الصبر الشرعية هي: حَبْس النَّفْس عَنْ الْمَكْرُوه، وَعَقْد اللِّسَان عَنْ الشَّكْوَى، وَالْمُكَابَدَة فِي تَحَمُّله، وَانْتِظَار الْفَرَج. وهذا أَحْسَن مَا وُصِفَ بِهِ الصَّبْر كما قال الحافظ في (الفتح).
وعلى هذا، فإن الشكوى التي لا تَسخُّط فيها إنما تنافي كمال الصبر ولا تنافي أصله، ولك من الأجر على الصبر بقدر ما تحققت فيك خصالُه، وانظر الفتوى رقم: 28045.
وتهون الشكوى إن كان الحامل عليها طلب الدواءِ أو الدعاءِ أو إسداءِ النصيحة.
أما قول المبتلى لشخص ما: (لقد تعبت) ـ يريد إخباره فقط فهذا لا حرج فيه قال الله تعالى عن نبيه موسى أنه قال: فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. {الكهف:62}.
هذا، وليت الشكوى تكون لله؛ يبثه المصاب همه (وهو أعلم بحاله) ويظهر فقره وضعفه وقلة حيلته! وعلى قدر توجه القلب لله تكون المعونة وتتحقق الحكمة من الابتلاء، وانظر الفتوى رقم: 13270.
هذا، وإذا صبر العبد عن المعصية أو على البلاء حينًا ثم وقع في تلك المعصية أو تسخط من ذلك البلاء، فإنه يأثم بذلك، ولكن يُكتب له صبره السابق ولا يذهب هدرًا؛ فما كان الله ليُضِيع أجر المحسنين .
والله أعلم.