الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أمكنك فعل الجماعة في غير المسجد فلا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ فإن الجماعة تجوز في غير المسجد على الراجح من أقوال العلماء، وإن كان فعلها في المسجد أولى، وراجع الفتوى رقم: 128394، وأما إذا لم يمكنك فعل الجماعة في مكان عملك، فعليك أن تجتهد في مناصحة صاحب العمل وتبين له أهمية الجماعة وأنه يثاب المثوبة العظيمة ـ إن شاء الله ـ إن مكنك من شهود الجماعة، ولا ينبغي له أن يمنعك من ذلك إلا أن يكون له عذر في المنع كإن كان ذهابك للجماعة يؤدي إلى تعرض المال الذي استؤجرت لحفظه للضياع أو كان المسجد بعيدا أو كان الإمام يطيل مما يضر به، جاء في أسنى المطالب: قال الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ من الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فيه عِنْدَ بُعْدِهِ عنه، فَإِنْ كان بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا، وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مع إتْمَامِهَا، ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ من الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لم يَخْشَ على عَمَلِهِ الْفَسَادَ وهو ظاهر. انتهى.
فإن أصر على منعك من شهود الجماعة فلا نرى حرجا من استمرارك في هذا العمل، لما مر بك من كلام الأذرعي، وإن وجدت عملا غيره تتمكن معه من المحافظة على الجماعة كان ذلك أولى.
والله أعلم.