الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخلاف في هذه المسألة مشهور وهو موجود داخل المذهب المالكي والشافعي والحنبلي، والصحيح من المذاهب الثلاثة أن من نوى صلاة معينة لا غيرها، ارتفع حدثه وجاز له أن يصلي بوضوئه ذك ما شاء من الصلوات، وأما الحنفية فلا يشترطون النية لصحة الطهارة أصلاً فلا ترد عليهم هذه المسألة وأن الصحيح أن الطهارة تصح مطلقاً.
ففي المذهب الحنبلي قال في الروض مع حاشيته: وإن نوى صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقاً، وأجزأ لتلك الصلاة وغيرها وكفى التعيين ولغي التخصيص. انتهى.
وقال في الإنصاف: ومنها: لو نوى بطهارته صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، وذكر أبو المعالي وجهين كمتيمم نوى إقامة فرضين في وقتين. انتهى.
وفي المذهب الشافعي قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: وشمل إطلاقه ما لو نوى استباحة صلاة معينة كالظهر فإنه يصح لها ولغيرها، وإن نفاه على الأصح كأن نوى استباحة الظهر ونفى غيرها لأن الحدث لا يتجزأ كما مر والتعرض لما عينه غير واجب فيلغو ذكره. انتهى.
وقال الرافعي في الشرح الكبير: وإن نوى استباحة صلاة معينة فإن لم يتعرض لما عداها بالنفي والإثبات صح أيضاً، وإن نفى غيرها فثلاثة أوجه أصحها الصحة لأن المنوية ينبغي أن تباح ولا تباح إلا إذا ارتفع الحدث والحدث لا يتبعض، والثاني: المنع لأن نيته تضمنت رفع الحدث وإبقاءه كما سبق، والثالث: يباح له المنوي دون غيره لظاهر قوله صلى الله عليه وآله: ولكل امرئ ما نوى. انتهى.
وفي المذهب المالكي قال في منح الجليل: أو وإن أخرج بعض المستباح فعله بالوضوء كالصلاة بأن نوى استباحة الظهر لا العصر مثلاً، أو الصلاة لا الطواف أو أحدهما لا مس مصحف أو عكسها فيصح وضوءه ويباح له ما أخرجه أيضاً لأن ترتيب إباحته على صحة الوضوء وظيفة الشارع لا المكلف فهو فضولي فيه فألغي إخراجه. انتهى.
وأثبت الحطاب الخلاف عند المالكية في هذه المسألة عند شرحه لقول خليل: أو أخرج بعض المستباح..
والخلاصة: أن في هذه المسألة خلافاً وأن الصحيح الراجح ارتفاع الحدث مطلقاً وأن من توضأ بنية استباحة صلاة معينة وأخرج ما عداها فله أن يصلي بهذا الوضوء ما شاء.
والله أعلم.