الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز الدخول في تلك المعاملة ولو كانت جهة العمل ستتولى دفع الفوائد، لأن الموظف هو صاحب القرض وسببه وهو الضامن لفوائده المقر بها، ولولا موافقته لما حصل هذا القرض الربوي أصلا، فلا أقل أن يكون الموظف في هذه الصور سببا أو معينا على الربا وفي الحديث: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. رواه مسلم.
قال المناوي عن الكاتب أو الشاهد: واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه. اهـ.
ولم تبين لنا حد الضرورة التي تلجئك إلى ذلك، وتعرفّ الضرورة بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك. ومن وجد مسكناً يسكنه بالأجرة لم يكن مضطراً إلى الربا لتملكه إذا كانت الأجرة لا تلحق به مشقة لا تتحمل عادة.
قال بعض أهل العلم مبينا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أي عضو من أعضاء النفس، أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.
وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
وخلاصة الأمر أن الاقتراض بالربا من المحرمات القطعية الثابتة التي لا مجال للتلاعب بها، ولا يباح الاقتراض بالربا ولا الإعانة عليه إلا في حالة الضرورة، وأن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يدخل تملك المسكن في ذلك ما دام المرء يجد سكناً يؤويه هو ومن يعول ولو بإجارة، بدون أن تلحقه مشقة يعجز عن تحملها.
والله أعلم