الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام بقاؤكم بمكة بعد طواف الوداع كان لأجل انتظار الرفقة وأنتم في ذلك مشتغلون بأسباب السفر متأهبون له فإن طوافكم للوداع صحيح ولا يلزمكم شيء، ولا حرج كذلك على من تصدق في طريقه أو أخرج كفارة لزمته أو نحو ذلك.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: الواجب على من أراد السفر من مكه بعد حجه أو عمرته أن يجعل الطواف آخر عهده لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف. ولكن لو فرض أن الرجل طاف للوداع بناء على أنه مغادر، ولكنه اشتغل بشيء يتعلق بالسيارة بإصلاحها مثلاً أو انتظار رفقة أو ما أشبه ذلك. فلا تجب عليه إعادة الطواف.. وكذلك قال العلماء لو اشترى حاجة في طريقة لا لقصد التجارة، فإنه لا تجب عليه إعادة الطواف. ولكن إذا قرر الإنسان بعد أن طاف طواف الوداع البقاء في مكة من الليل إلى النهار، أو من النهار إلى الليل فإن عليه أن يعيد طواف الوداع من أجل أن يكون آخر عهده بالبيت. انتهى.. من فتاوى نور على الدرب.
ولا شك في أن انتظاركم للسيارة هو في معنى انتظار الرفقة ومن ثم فلم يكن يلزمكم إعادة الطواف، لما في ذلك من الحرج والمشقة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله أيضاً: وقوله (فإن أقام) ظاهره أنه إذا أقام بعد طواف الوداع وجبت عليه إعادته سواء كانت الإقامة طويلة أو قصيرة، إلا أنهم استثنوا من ذلك إذا أقام لانتظار الرفقة فإنه لا يلزمه إعادة الطواف ولو طال الوقت، لأن إيجاب الإعادة عليهم يلزم منه التسلسل، أو أنه لما انتهى من الطواف أذن للصلاة فلا بأس أن يصلي، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما طاف للوداع صلى الفجر ثم سافر متجهاً إلى المدينة. وكذلك لو فرض أنه تبين له عطل في سيارته بعد الطواف فجلس في مكة من أجل إصلاحه، فإنه لا يلزمه إعادة هذا الطواف لأنه إنما أقام لسبب متى زال واصل سفره. انتهى.
والله أعلم.