الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك أن تستفسر ـ أولا ـ عن طبيعة عملك في هذا المكان، فإن تضمن هذا العمل خلوة بهذه المرأة فلا يجوز لك العمل فيه، لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية حرام ـ في كل وقت وعلى كل حال ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه. وقال ـ أيضا: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.
قال أبو العباس ـ القرطبي ـ في كتابه المفهم: وبالجملة: فالخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. انتهى.
أما إن كان العمل لا يستلزم الخلوة بهذه المرأة، بل مجرد التعامل معها فهنا ينظر، فإن كانت في حجابها الشرعي فهنا يجوز لك العمل بشرط أن تلتزم معها الآداب الشرعية من غض البصر وترك الكلام إلا لحاجة العمل وأن يكون الكلام ـ مع ذلك ـ بالمعروف ـ لا خضوع فيه ولا لين ولا انبساط ـ، فإذا اختل شرط من هذا بأن كانت متبرجة ـ مثلا ـ فهنا لا يجوز لك هذا العمل وعليك أن تبحث عن غيره ونوصيك بالثقة بالله في كل حال، وأن لا يحملنك استبطاء الرزق على أن تطلبه بما فيه معصية لله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وقد جعل الله المخرج لعباده من الضيق في تقواه، فقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2- 3}. وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4}.
وفي الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم والطبراني والبزار وصححه الألباني.
والله أعلم.