الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بلغت منك الوسوسة مبلغا عظيما، ولذلك فاعلم ـ أيها الأخ الكريم ـ أنه ينبغي لك الاجتهاد في مدافعة هذه الوساوس وطردها عنك، لئلا تنغص عليك عيشك وتفسد عليك حياتك ويكون ذلك بالإعراض عن هذه الوساوس، فكلما أوهمك الشيطان نجاسة شيء ما فابن على الأصل وأن هذا الشيء طاهر ما لم تتيقن نجاسته، وقد بينا في فتاوى كثيرة أحوال انتقال النجاسة من جسم لآخر، وبينا ـ أيضا ـ أن من كان مصابا بالوسوسة لا حرج عليه في أن يأخذ بالقول الأيسر، لما في ذلك من التخفيف ورفع الحرج، وانظر الفتوى رقم:62420.
وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يذهب إلى أن يسير النجاسات يعفى عنها مطلقا ـ وهو مذهب أبي حنيفة ـ قال شيخ الإسلام في الاختيارات: ويعفى عن يسير النجاسة حَتَّى بَعْرِ فَأْرَةٍ، وَنَحْوِهَا فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَلَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ طِينِ الشَّارِعِ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ.
انتهى.
ورجح الشيخ العثيمين هذا القول في الشرح الممتع، وجميع الأمثلة التي ذكرتها في سؤالك ـ على فرض تحقق انتقال النجاسة ـ فإنها تكون من النجاسة اليسيرة التي يعفى عنها على قول هؤلاء العلماء، ولا مانع من الأخذ بهذا القول ريثما يشفيك الله تعالى من هذا الداء.
وانظر للفائدة فيما يتعلق بعلاج الوسوسة الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.