الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه البنت بالغة رشيدة، فلا حرج عليك في الانتفاع بما وهبته لك من أموال بطِيب نفس.
أمّا إذا كانت قد أعطتك أموالها على سبيل الوديعة، أو لم تكن البنت بالغة رشيدة، فلا حقّ لك في هذه الأموال ـ ولو كان أبوهم راضيًا ـ؛ فإنّ الأب لا يجوز له أن يهب أموال أولاده الصغار، قال الكاساني: فَلَيْسَ له أَنْ يَهَبَ مَالَ الصَّغِيرِ من غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ من غَيْرِ عِوَضٍ، فَكَانَ ضَرَرًا مَحْضًا. وقال ابن قدامة: وإن كان الابن صغيرًا، لم يصح أيضًا؛ لأنه لا يملك التصرف بما لا حظّ للصغير فيه، وليس من الحظّ إسقاط دينه، وهبة ماله.
وأمّا عن المعاش الذي يصرف للبنات في بلدهنّ، فلا مانع من صرفه على نفقاتهنّ، فإنّ الأب لا يلزمه أن ينفق على أولاده الأغنياء، قال ابن قدامة: يشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط: أحدها: أن يكونوا فقراء، لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال، أو كسب يستغنون به، فلا نفقة لهم؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.
وأمّا أن ينفق زوجك عليك من معاش بناته الذي لا حقّ فيه -لكونه مثلًا: منحة من جهة ما خاصة ببنات المتوفاة-:
فإن كان محتاجًا لذلك، فلا مانع من إنفاقه بالمعروف، وانظري الفتوى: 46692.
وأمّا إذا كان غير محتاج لأموالهنّ:
فمن كانت منهنّ صغيرة، أو سفيهة، فلا حقّ لأبيها في التصرف في مالها لغير مصلحتها.
ومن كانت بالغة رشيدة، فلا مانع من التصرف في مالها برضاها.
والله أعلم.