الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالربا من كبائر الذنوب ـ بل هو من السبع الموبقات ـ حتى ولو كانت فائدته رمزية ـ كما في السؤال ـ وقد جاء في قرارات، مجمع الفقه الإسلامي بعد الاطلاع على البحوث الواردة إليه بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، والاستماع للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: إن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، وينبغي أن يوفر بالطرق المشروعة بمال حلال، وإن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها من الإقراض بفائدة ـ قلت أو كثرت ـ هي طريقة محرمة شرعاً، لما فيها من التعامل بالربا. اهـ.
وينبغي التنبه هنا إلى أن هذه الفائدة الرمزية لا يتغير حكمها، حتى ولو كانت تحت ستار المصاريف الإدارية والخدمية، ما دامت تُحدد كنسبة من قيمة القرض، بخلاف ما إذا كانت تؤخذ على سبيل الأجرة المعلومة التي تتناسب مع العمل والمجهود المبذول فيها، ولا علاقة لها بقيمة القرض ولا مدة سداده، فإنه يجوز للجهة المقرضة أن تأخذ من المقترض المصاريف الفعلية للقرض، بحيث لا يعود ذلك بالنفع الزائد عليها، وإنما هو عوض عن نفقاتها في أجرة العمال والموظفين القائمين على جهة القرض للمتابعة والحساب والأخذ والعد ونحو ذلك، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: جواز أخذ أجور عن خدمات القرض، وأن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة، لأنها من الربا المحرم شرعاً. اهـ.
وقد سبق لنا بيان ذلك مفصلا في الفتاوى التالية أرقامها: 121721 93421، 112321، 118964، 63989، 30494.
ثم ننبه على أن الربا كغيره من المحرمات، لا تبيحه إلا الضرورة التي لا يجد صاحبها سبيلا لدفعها إلا به، وقد سبق لنا بيان حد الضرورة المبيحة للربا، والحالات التي يجوز فيها بناء مسكن بقرض ربوي، في الفتاوى التالية أرقامها: 6501، 43263، 6689، 61214، 47389، 49006.
كما سبق لنا بيان ثبوت حرمة التعامل بالربا في ديار الكفر، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 20702، 42640، 53223، 13433. وكذلك سبق لنا التعقيب على من يفتي بجواز شراء المنازل بالربا في دار الكفر، في الفتوى رقم: 49918.
والله أعلم.