الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك أن تشكري نعمة الله سبحانه أن من عليك بزوج تصفينه بأنه صاحب خلق ودين وفضل كبير عليك، فهذا من أعظم نعم الله وأكبرها، وحق النعمة أن تشكر لا أن تجحد، ومن شكر هذه النعمة أن تقومي بحق زوجك عليك، وأن تتغاضي عن هفواته وزلاته، فكل بني آدم خطاء. والإنسان مهما كملت صفاته وحسنت أخلاقه واستقامت أموره وأحواله، فلا بد أن تصدر منه بعض الهفوات والأخطاء.
فما دام الغالب على حال زوجك الاستقامة والإحسان فلتتغافلي عن أخطائه ولتقابليها بالعفو والصفح، وما دمت تعلمين منه حساسيته من بعض الأمور والتصرفات فابتعدي عنها، فإن حقه عليك عظيم. فقد روى أحمد عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فأنظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده محتمل للتحسين، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
أما عن الليالي التي نام فيها وهو غاضب منك، فعليك أن تتوبي إلى الله منها، وأن تكفري عن ذلك بمزيد من الإحسان والتودد إليه، والله سبحانه غفور رحيم، وما دمت كنت لا تنامين حتى تحاولي استرضاءه والتحلل منه، فنرجو أن يغفر الله لك بذلك.
فإن هذا التصرف من صفات أهل الجنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود العئود التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضا حتى ترضى. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وعلى الزوج أن يعلم زوجته بما يغضبه منها حتى تتجنبه، أما أن يهجرها دون أن يبين لها ذلك فهذا لا يجوز؛ لأنها تتضرر بهجره دون ثمرة أو فائدة، ولكنا لا ننصحك بطلب الطلاق بسبب ذلك، بل نوصيك بالصبر ومحاولة التواصل مع زوجك بالحوار والمناقشة حتى يتفهم تأذيك من هذا التصرف.
مع التنيبه على أن الهجر الذي يبيح للمرأة طلب الطلاق هو الهجر بلا سبب؛ لأنه من الإضرار بها، على ما بيناه في الفتوى رقم: 37112.
والله أعلم.