الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستمناء محرم على الرجال والنساء، ولا فرق بين الخصي وغيره على افتراض أنه يتأتى منه ذلك، وراجع في تحريم الاستمناء الفتوى رقم: 7170.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: ... وَأَمَّا الْخِصَاءُ فإن الْخَصِيَّ رَجُلٌ إلَّا أَنَّهُ مُثِّلَ بِهِ.
وأما مخالفة الخصي للرجال في حكم النظر إلى النساء إذا كان فاقد الشهوة بالكلية فقد اختلف العلماء في ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ومن ذهبت شهوته من الرجال لكبر أو عنة أو مرض لا يرجى برؤه، والخصي والشيخ والمخنث الذي لا شهوة له فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر لقول الله تعالى: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ. {النور: 31}. أي غير أولي الحاجة إلى النساء.
وقال النووي: والمختار في تفسير غير أولي الإربة أنه المغفل في عقله الذي لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن كذا قاله ابن عباس وغيره والله أعلم، وأما المجبوب الذي بقي أنثياه والخصي الذي بقي ذكره، والعنين، والمخنث وهو المشبه بالنساء، والشيخ الهرم فكالفحل كذا أطلق الأكثرون، وقال في الشامل لا يحل للخصي النظر إلا أن يكبر ويهرم وتذهب شهوته وكذا المخنث وأطلق أبو مخلد البصري المتأخر في الخصي والمخنث وجهين. روضة الطالبين.
وقال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأما التابعون غير أولي الإربة من الرجال فهم صنف من الرجال الأحرار تشترك أفراده في الوصفين وهما التبعية وعدم الإربة.
فأما التبعية فهي كونهم من أتباع بيت المرأة وليسوا ملك يمينها، ولكنهم يترددون على بيتها لأخذ الصدقة أو للخدمة.
والإربة: الحاجة. والمراد بها الحاجة إلى قربان النساء. وانتفاء هذه الحاجة تظهر في المجبوب والعنين والشيخ الهرم فرخص الله في إبداء الزينة لنظر هؤلاء لرفع المشقة عن النساء مع السلامة الغالبة من تطرق الشهوة وآثارها من الجانبين.
واختلف في الخصي غير التابع هل يلحق بهؤلاء على قولين مرويين عن السلف.
والراجح أنه كغيره.
جاء في الإنصاف: الخصي والمجبوب لا يجوز لهما النظر إلى الأجنبية وهو صحيح وهو المذهب، واستعظم الإمام أحمد إدخال الخصيان على النساء.. قال ابن عقيل لا تباح خلوة النساء بالخصيان، لأن العضو وإن تعطل أو عدم شهوة الرجال لا تزول من قلوبهم ولا تؤمن التمتع بالقبل وغيرها. اهـ.
والله أعلم.