الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإحرام من الميقات من واجبات الحج، فلا يسقط سهواً ولا جهلاً، بل من ترك الإحرام من الميقات ـ ولو ناسياً أو جاهلاً ـ فعليه دم يذبح ويوزع على فقراء الحرم، لقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما: من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فعليه دم.
وقد كان الواجب على هذا الرجل أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه، ولا شيء عليه إن رجع إلى الميقات فأحرم منه، لأنه فعل ما أمر به، فإن أحرم بعد مجاوزة الميقات فعليه الدم ـ كما قدمنا ـ قال العلامة الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في الأضواء: اعلم أن جمهور أهل العلم على أن من جاوز ميقاتا من المواقيت المذكورة غير محرم، وهو يريد النسك أن عليه دماً، ودليله في ذلك أثر ابن عباس، الذي قدمناه موضحاً: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً.
قالوا: ومن جاوز الميقات غير محرم وهو يريد النسك فقد ترك من نسكه شيئاً، وهو الإحرام من الميقات، فيلزمه الدم.
وأظهر أقوال أهل العلم عندي: أنه إن جاوز الميقات، ثم رجع إلى الميقات، وهو لم يحرم أنه لا شيء عليه، لأنه لم يبتدئ إحرامه إلا من الميقات، وأنه إن جاوز الميقات غير محرم وأحرم في حال مجاوزته الميقات ثم رجع إلى الميقات محرماً: أن عليه دماً لإحرامه بعد الميقات، ولو رجع إلى الميقات فإن ذلك لا يرفع حكم إحرامه مجاوزاً للميقات.
انتهى.
والله أعلم.