الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى القول بأن الماء المستعمل طهور يرتفع به الحدث كما رجحه كثير من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، فإنه إذا انتقل من عضو لعضو آخر، فإنه باق على طهوريته ويرتفع به الحدث عن العضو الآخر، فإذا صببت الماء على رأسك وتقاطر على بطنك ورجلك ارتفعت الجنابة عن الجزء الذي أصابه الماء.
وأما على القول بأن الماء المستعمل طاهر غير طهور: فلا ترتفع الجنابة عن بطنك ورجلك، وقيل ترتفع، قال الماوردي الشافعي في الحاوي الكبير: إِذَا جَرَى مِنْ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ، فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا صَارَ بِانْتِقَالِهِ مِنْ أَحَدِ أَعْضَاءِ حَدَثِهِ مُسْتَعْمَلًا، فَإِذَا انْتَقَلَ إِلَى عُضْوٍ آخَرَ لَمْ يُطَهِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَهَلْ يَصِيرُ بِانْتِقَالِهِ عَنِ الْعُضْوِ إِلَى غَيْرِهِ مُسْتَعْمَلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَلَا يَرْفَعُ جَنَابَةَ الْعُضْوِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ كَالْمُحْدِثِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِانْتِقَالِهِ إِلَى الْعُضْوِ الثَّانِي حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْ جَمِيعِ الْجَسَدِ، لِأَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ مِنْ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ، وَلِذَلِكَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِيهِ.
هـ مختصرا.
ونحن نرى رجحان هذا القول وعليه، فإن اغتسال السائل صحيح.
والله أعلم