الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها كما هو معلوم, وقد تعددت أقوال الفقهاء في القدر المجزئ فيها من حيث من الإسرار , فذهب بعضهم إلى أن أقل المجزئ أن يسمع نفسه وهذا مذهب الشافعية والحنابلة, وذهب المالكية إلى أنه يندب الجهر بتكبيرة الإحرام بقدر ما يسمع نفسه فإن أسر بها سجد للسهو استحبابا.
قال النووي في المجموع : ... وأدنى الإسرار أن يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض عنده من لغط وغيره . وهذا عام في القراءة والتكبير والتسبيح في الركوع وغيره، والتشهد والسلام والدعاء، سواء واجبها ونفلها لا يحسب شيء منها حتى يسمع نفسه.. .اهـ.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف : ... يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَفِي التَّكْبِيرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ... اهـ.
وأما المالكية فإنه يسن عندهم الجهر بتكبيرة الإحرام.
كما قال الخرشي في شرح خليل : وَأَمَّا الْجَهْرِيَّةُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ .. اهـ.
وأدنى الجهر عندهم أن يسمع نفسه.
جاء في حاشية الدسوقي : قَوْلُهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ أَيْ وَهُوَ إسْمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيه .. فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ اسْتِحْبَابًا. اهـ.
فإذا لم يسمع نفسه فقد ترك سنة مؤكدة يسجد للسهو لتركها وتصح صلاته, وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يكفي تحريك اللسان بالحروف وإن لم يسمعها.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ومال إليه المرداوي الحنبلي في الإنصاف، وهو قول للمالكية.
قال في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين الاكتفاء بالإتيان بالحروف وإن لم يسمعها وذكره وجها في المذهب. قلت: والنفس تميل إليه. اهـ.
وعلى قول المالكية واختيار شيخ الإسلام فإن من لم يسمع نفسه في تكبيرة الإحرام فإن صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها.
والله أعلم.