الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شق عليه القيام مشقة ظاهرة جاز له الصلاة قاعدا، ولا يشترط أن يكون المصلي عاجزا عن القيام بالكلية، بل متى وجدت المشقة التي لا تحتمل إلا بكلفة شديدة جازت الصلاة من قعود لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وعليه فإذا كان القيام يشق عليك مشقة ظاهرة فلا حرج عليك في الصلاة وأنت قاعدة.
قال ابن قدامة مبينا ضابط جواز الصلاة من قعود: وإن أمكنه القيام إلا أنه يخشى زيادة مرضه به، أو تباطؤ برئه، أو يشق عليه مشقة شديدة. فله أن يصلي قاعدا ونحو هذا قال مالك و إسحاق. وقال ميمون بن مهران : إذا لم يستطع أن يقوم لدنياه فليصل جالسا وحكي عن أحمد نحو ذلك.
ولنا قول الله تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج }. وتكليف القيام في هذه الحال حرج، ولأن النبي صلى الله عليه و سلم صلى جالسا لما جحش شقه الأيمن، والظاهر أنه لم يكن يعجز عن القيام بالكلية لكن لما شق عليه القيام سقط عنه فكذلك تسقط عن غيره. انتهى.
وضبط بعض العلماء المشقة التي تبيح القعود في الفريضة بأنها المشقة التي تذهب الخشوع وهو ترجيح إمام الحرمين واختاره الشيخ العثيمين.
قال النووي في المجموع: من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعدا ولا إعادة عليه، قال أصحابنا ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام لأنه معذور وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما. قال أصحابنا: ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام ولا يكفى أدنى مشقة بل المعتبر المشقة الظاهرة، فإذا خاف مشقة شديدة أو زيادة مرض أو نحو ذلك، أو خاف راكب السفينة الغرق أو دوران الرأس صلى قاعدا ولا إعادة. وقال إمام الحرمين في باب التيمم: الذى أراه في ضبط العجز أن يلحقه بالقيام مشقة تذهب خشوعه لأن الخشوع مقصود الصلاة. انتهى.
والظاهر لنا أن ما ذكرته مشقة معتبرة تبيح لك الصلاة من قعود، فلا إثم عليك في ذلك ولا إعادة عليك لما فات من الصلوات، ولا مسوغ لشعورك بالذنب فإنك تفعلين ما تقدرين عليه.
والله أعلم.