حكم الاستهزاء بالنبي ووصف المرء نفسه بأنه أفهم منه

1-4-2010 | إسلام ويب

السؤال:
ما حكم من يستهزئ بالنبي صلى الله عليه و سلم، أو من يزعم أنه أكثر فهما منه أو من يرى أنه لو كان في زماننا اليوم لكانت له أضخم السيارات وأكثر الأموال(طبعا هو هنا يستهزئ بأهل الزهد) أو من يرى أن اللحية من الأوساخ عياذا بالله، والغريب أن من أتكلم عنهم يعتبرون من الطبقة المثقفة الواعية بالواقع و المشار إليهم بالبنان في قريتنا، وإذا تكلمت معهم يقولون لك لست أفهم منه أو إنك لا تقرأ و تطالع بالقدر الذي يطالعونه؟ و يا ليتهم ما طالعوا ولا درسوا إذا كان سيوصلهم إلى هذا الجهل الفظيع (لا يطالعون إلا كتب المستشرقين) المهم أننا نرى البقاء على جهلنا أحب الينا من التعلم مثلهم.
فما حكمهم في الشرع هل يكفرون بهذا القول وهذا الاستهزاء؟؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فمن المعلوم أن الاستهزاء بالله أو بآياته أو رسوله كفر أكبر مخرج من الملة. قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. {التوبة: 65-66}.

قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى: اعلم أن العلماء قد أجمعوا على أن من استهزأ بالله أو رسوله أو كتابه فهو كافر، وكذا إذا أتى بقول أو فعل صريح من الاستهزاء. اهـ.

وسواء كان هذا جدا أم هزلا ومزاحا،  كما بينا في الفتوى رقم: 26193. أن الحكم هلى هذا الفعل بالكفر يختلف عن الحكم على أن فلانا كافر، وانظر ضوابط التكفير في الفتوى رقم: 721.

وأما من يصف نفسه بأنه أكثر فهما من النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان يقصد بذلك أمور الدين فهو كفر أكبر.

أما إن كان يقصد أمور الدنيا فهذا بمجرده لا يكون كفرا ما لم يتضمن انتقاصا من قدر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ؛ لما روى مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج قال: قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل يقولون يلقحون النخل فقال: "ما تصنعون؟" قالوا: كنا نصنعه. قال: "لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا" فتركوه فنفضت أو فنقصت قال: فذكروا ذلك له فقال: "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر" وفي رواية لمسلم أيضا: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"

أما إذا تضمن ذلك تنقصا من قدره صلى الله عليه وسلم فهو داخل في الاستهزاء ويكون كفرا أكبر كما سبق.

أما القول بأن النبي عليه الصلاة والسلام لو كان في زماننا اليوم لكانت له أضخم السيارات و أكثر الأموال، فهو تخرص وتقوّل بلا علم، وقائله يجهل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي عاش حياة الزهد والبساطه رغم أنه كان يقدر على أن يعيش حياة البذخ والترف، علما بأن الزهد عمل قلبي حقيقته ترك ما لا ينفع في الآخرة، وتفريغ القلب من التعلق بذلك، ولا يلزم أن يكون الزاهد فقيرا كما لا يمتنع أن يكون الغنيّ زاهدا. وانظر الفتاوى أرقام: 99090،  79796، 118341. وما أحيل عليه فيها. 

وأما إعفاء اللحية فهو واجب عند جمهور الفقهاء، وهو أيضا من سنن الفطرة ومن النظافة ولا يراها وسخا إلا شخص منكوس الفطرة، فإن كان قال ذلك جهلا بمشروعيتها في الدين فهو جاهل يجب عليه أن يتعلم. أما إن كان يعلم ذلك فحكمه كحكم من استهزأ بأي شعيرة من شعائر الإسلام. وانظر الفتوى رقم: 5442.

وعلى الإنسان أن يتعلم ما يلزمه من أمر دينه وأن يحرص على أخذ دينه من منابعه الصافية وأهله المعتبرين، وأما كتب المستشرقين فإنها تنضوي على أفكار مغلوطة ومقاصد خبيثة، فلا يسلم قارئها من التأثر بما يشوه فكره ويبلبل عقيدته، ما لم يكن متضلعا في العلم الشرعي. وانظر الفتوى رقم: 46650 .

ولا شك أن المسلم الجاهل الذي لا يقرأ لكنه لا يزال على فطرته السليمة هو خير من هؤلاء؛ لأن جهله بسيط، وهؤلاء جهلهم مركب. ومع ذلك فننصحك بالتسلح بالعلم الشرعي من طرقه الصحيحة حتى تستطيع دفع شبهات هؤلاء وتأمن فتنتهم، وحتى تزيل تلبيساتهم على بسطاء الناس. وأن تبتعد عن الخوض في تكفير الناس فأنت داعية ولست قاضيا. وانظر الفتوى رقم: 18328، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

 

www.islamweb.net