الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء الحول المشترط لوجوب الزكاة لا يبدأ من بداية جمع المال ولا بانتهاء اثني عشر شهرا من بداية جمع المال، وإنما يبدأ من بلوغ المال النصاب، فالشهر الذي يبلغ فيه المال نصابا هو أول شهر من حول الزكاة، وبعد مرور الحول تزكي النصاب، وأما المال المتجدد على النصاب فلا يخلو من حالين:
الأول: أن يكون ربحا وناتجا من النصاب فهذا تزكيه مع النصاب.
الثاني: أن يكون مالا مستفادا من جنس المال الأول، وليس ربحا ناتجا عن النصاب، كأن يكون هبة أو إرثا أو راتبا، فهذا لك فيه أمران:
الأول: أن تزكيه مع النصاب، ويكون هذا من باب تعجيل الزكاة.
الثاني: أن لا تزكيه مع النصاب ولكن تجعل له حولا مستقلا، فإذا حال عليه الحول منذ استفادته زكيته ولو لم يبلغ نصابا بنفسه لأنه بالغ النصاب بضمه إلى النصاب الأول.
فمثلا إذا كان قدر النصاب ستة آلاف ريال، وبدأت تجمع ألف ريال من بداية المحرم فإن حول الزكاة يبدأ من شهر جمادى الآخرة، ثم استفدت مالا قدره ألف ريال في رجب، فإذا جاء جمادى الآخرة من السنة التي تليها ولم ينقص المال الأول الستة آلاف عن النصاب أخرجت زكاتها وما انضم إليها إذا كان ربحا ناتجا عنها، وأما الألف ريال التي استفدتها في رجب، فأنت بالخيار إن شئت أخرجت زكاتها مع الستة آلاف، وإن شئت أخرجت زكاتها في رجب بعد حولان الحول عليها ولو كان بنفسه أقل من النصاب وهذا قول الشافعية والحنابلة والمالكية.
جاء في الموسوعة الفقهية حول المال المستفاد إذا كان من جنس المال الأول الذي بلغ نصابا: الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَفِيدَ مَالاً مِنْ جِنْسِ نِصَابٍ عِنْدَهُ قَدِ انْعَقَدَ حَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَاءِ الْمَال الأَْوَّل. كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ مِثْقَالاً ذَهَبًا مَلَكَهَا فِي أَوَّل الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ يَسْتَفِيدُ أَلْفَ مِثْقَالٍ فِي أَوَّل ذِي الْحِجَّةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ يُضَمُّ إِلَى الأَْوَّل فِي النِّصَابِ دُونَ الْحَوْل، فَيُزَكِّي الأَْوَّل عِنْدَ حَوْلِهِ أَيْ فِي أَوَّل الْمُحَرَّمِ فِي الْمِثَال الْمُتَقَدِّمِ، وَيُزَكِّي الثَّانِيَ لِحَوْلِهِ أَيْ فِي أَوَّل ذِي الْحِجَّةِ وَلَوْ كَانَ أَقَل مِنْ نِصَابٍ، لأَِنَّهُ بَلَغَ بِضَمِّهِ إِلَى الأَْوَّل نِصَابًا. وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل. وَبِقَوْلِهِ: مَنِ اسْتَفَادَ مَالاً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل عِنْدَ رَبِّهِ... إلخ، اهـ.
والله أعلم.