حكم عرض المسلم والمسلمة على شاشة الجسم بالمطارات الأجنبية

14-4-2010 | إسلام ويب

السؤال:
جهاز شاشة الجسم في المطارات.
نريد أنا وزوجتي أن نسافر من بلاد إقامتنا بريطانيا إلى السعودية لزيارة والدي زوجتي ولأداء العمرة، عندنا في بريطانيا ظهر جهاز شاشة الجسم للفحص في المطارات. وليس للمسافرين اختيار أي طريقة أخرى للفحص (كما هي الحال في أمريكا). هذه الشاشة تظهر صورة الجسم بدون ملابس للمسؤول عن الأمن في المطار. الصورة لا تبين ألوان الجسم ولا كل جزئياته, ولكن يظهر فيها شيئ من القُبل والدبر وثديي المرأة. لا يُختار كل مسافر للفحص, ولكن إذا اختير فرفض أن يُفحص بهذه الطريقة, فلا يؤذن له بالركوب في الطائرة, وسيخسر ثمن التذكرة. هناك مطار دولي آخر يمكن السفر منه وليس فيه هذه الشاشة إلى الآن, ولكن ستوجد في وقت لاحق غير محدد, وقد يكون هذا في الفترة بين شراء التذكرة والرحلة بالإضافة إلى أن الرحلات منه أغلى وأطول وأشقَ وقد تكون في أيام غير مناسبة.
فالسؤال: هل يجوز للمسلم, ذكراُ كان أو أنثى, أن يستسلم للفحص بهذه الطريقة, أم هل لا بد أن يرفض فلا يسافر من بريطانيا بالطائرة؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أوجبت الشريعة حفظ العورات، فقال الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. {النور:30}.

قال ابن كثير: حفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا, كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} الآية, وتارة يكون بحفظه من النظر إليه، كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. اهـ.

وقال الثعلبي: قال ابن زيد : كلّ ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا إلاّ في هذا الموضع فإنّه أراد الاستتار، يعني : ويحفظوا فروجهم حتى لا ينظر إليها. اهـ.

ونقله الماوردي عن أبي العالية الرياحي نحوه، وقال الجزائري: أي يصونونها من النظر إليها، ومن إتيان الفاحشة. اهـ.

فالأصل هو حرمة كل ما من شأنه الاطلاع على العورات، ولا سيما المغلظة منها.

وعلى ذلك، فإن كانت الأجهزة المسؤول عنها تبدي العورات بالفعل، فلا يجوز السفر من هذه المطارات التي تفرض المرور على هذه الأجهزة، إلا في حال الضرورة القصوى، والتي يجب أن تقدر بقدرها.

وقد أصدر المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية بيانا قد حذر فيه من الخضوع لأجهزة الفحص الكامل للجسم (الماسحات الضوئية) التي أدخلتها الحكومة الأمريكية بالمطارات، مؤكدًا أن هذا الإجراء ضد تعاليم الإسلام.

 وجاء في بيان للمجلس الذي يتألف من مجموعة من العلماء المسلمين في أمريكا وكندا أن أجهزة الفحص الكامل للجسم التي تم إدخالها إلى المطارات في الولايات المتحدة وحول العالم تنتهك الحقوق الدينية والشخصية، وهي ضد تعاليم الإسلام. وأكد المجلس أن "استخدامًا عامًّا وعلنيًّا لمثل تلك الماسحات الضوئية هو ضد تعاليم الإسلام والقانون الطبيعي وكل الأديان والثقافات التي تدعو إلى الحياء والحشمة". وحثَّ المجلس على تعديل هذه الأجهزة لكي تقدِّم صورة للمواد موضع الشك على إطار للجسم، بدلاً من عرض صورة للجسم بالكامل. ودعا المسلمين إلى اللجوء إلى إجراءات التفتيش البديلة، مثل التفتيش الكامل للجسم- إذا تطلَّب الأمر- كبديل عن تلك الأجهزة. وقوبل بيان المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية الرافض لخضوع المسلمين لأجهزة الماسح الضوئي بالمطارات، بترحيب من قبل منظمات إسلامية في الولايات المتحدة.

وإذا حصل بالفعل تطوير لهذه الأجهزة بحيث تظهر الصورة كنماذج وخطوط، دون إظهار الملامح والتفاصيل فالأمر أيسر، والتخفيف هنا محتمل. ويقال إنه يجرى تطوير هذه الأجهزة بحيث تصبح أقل وضوحا في إظهار التفاصيل، فيظهر الوجه غير واضح المعالم, وصورة الجسم تظهر وكأنها رسمت باستخدام الطباشير. أو كصورة نموذجية عوضا عن كونها صورة حقيقية تظهر فقط أماكن الجسم التي تحتوي على أشياء مخبأة في الجيوب أو تحت الملابس. كما يقال: إن الصور تظهر في مكان مغلق لا يراه الناس، ومسؤول الأمن الذي يساعد المسافر لا يستطيع أن يرى الصورة، ومسؤول الأمن الذي يرى الصورة لا يرى المسافر، وإن شك بوجود شيء فإنه يعلم المسؤول المتواجد مع المسافر بأن يقوم بتفتيش إضافي. وإن هذه الأجهزة لا يمكن لها أن تخزن الصور أو حتى تطبعها، وإنه لا يسمح لموظف الأمن المسؤول عن عملية المسح  بأخذ كاميرا أو جهاز خلوي معه إلى الغرفة.

وإلى حين تتوفر هذه الضوابط يجب على المسلمين عدم السماح بتعريضهم لهذه الأجهزة، حتى ولو أدى ذلك لمنعهم من السفر، ولا يستثنى من ذلك إلا حالات الضرورة.

والله أعلم.

www.islamweb.net