الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء فيمن ترك الصلاة عمداً من غير عذر هل يقضيها؟ فذهب الجمهور إلى وجوب قضائها، وهذا هو المفتى به في موقعنا، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما إلى عدم وجوب القضاء، وإنما تجب التوبة إلى تعالى والمحافظة على الصلاة مع الإكثار من النوافل، وعلى مذهب الجمهور فالواجب عليك إضافة إلى وجوب التوبة قضاء ما فرطت فيه من صلوات بعد بلوغك إذا كنت تعلمين عددها، وإلا صليت بقدر ما يغلب على ظنك أنه يبرئ ذمتك ويفي بما عليك.
واعلمي أن قضاء الصلوات ليس له وقت محدد، فهو مشروع في كل وقت وحين، ولبيان كيفية قضاء الفوائت راجعي في ذلك الفتوى رقم: 31107.
وأما الصلاة بملابس فيها أثر دم الحيض، فإن الملابس إذا غسلت من دم الحيض تعتبر طاهرة حتى ولو بقي اللون؛ لما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة أن خولة قالت: يا رسول الله فإن لم يذهب الدم، فقال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره.
وأما الصلوات التي صليتها بملابس شفافة فإن ستر العورة شرط في صحة الصلاة، ومن صلى بملابس تشف عن عورته بمعنى أنه يتبين لون البشرة من تحته، لم تصح صلاته ويلزمه قضاؤها ولو كان جاهلاً عند الجمهور، واختار شيخ الإسلام أن من ترك شرطاً جاهلاً لم يلزمه إعادة الصلاة كما فصلناه في الفتوى رقم: 106682.
وأما قولك بأن الاستحاضة بعد الحيض تعتبر من الحيض فلم نفهم ما تريدين بالاستحاضة، فإن كنت تقصدين الصفرة أو الكدرة، فاعلمي أنه إذا طهرت المرأة من حيضها فإنه لا عبرة بما تراه من كدرة أو صفرة بعد الطهر لقول أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً. رواه البخاري وأبو داود.
والاستحاضة لا تمنع الصلاة، وانظري أحكام المستحاضة في الفتوى رقم: 4109، وكذا انظري الفتوى رقم: 127959 حول ما يلزم من شك هل صام عند بلوغه أم لم يصم، ونحن نوصي الأخت بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال معها، فقد ظهر لنا من خلال أسئلتها في هذا السؤال وغيره أنها ربما أصيبت بالوسوسة، ولتعلم أن العلاج هو الإعراض عنها جملة.
والله أعلم.