الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته غش صريح، ونبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول: من غش فليس منا. رواه مسلم. والكافر في ذلك كالمسلم، فلا يجوز غشه وخداعه وأكل ماله بالباطل، فقد أخرج مالك في موطئه أن ابن رواحة رضي الله عنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لخرص نخل اليهود فقال: يا معشر اليهود, والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي, وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم... وفي رواية لابن حبان في صحيحه قال ابن رواحة لهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي, ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير, ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
فينبغي للمسلم أن يبرز محاسن دينه, ويجسد ذلك في سلوكه ومعاملاته مع إخوانه من المسلمين ومع غيرهم, وفي ذلك دعوة لهم إلى هذا الدين العظيم. وللفائدة انظر الفتوى: 20632.
ولا يكفي مجرد التوبة دون رد ما أخذ من أموال تلك الشركة بغير وجه حق من قطع غيار غير مستحقة، فيلزم التحلل من ذلك.
وأما الأجهزة التي بيعت وفق ذلك الشرط، فإن جاء أصحابها لإصلاح خلل مضمون، فعليكم إصلاحه من مال الشركة كما تعهدتم بذلك واشترطتم على أنفسكم، وأما المصنع فليس لكم خداعه ثانية ما دمت المدة التي ضمن لكم الجهاز فيها قد انتهت.
وإذا استمر العاملون بتلك الوكالة على الغش والتدليس، فلا يجوز لك مساعدتهم في ذلك لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2}.
ولا يجب عليك ترك العمل ما دام مجال عملك خاليًا من تلك الأمور المحرمة، لكن عليك نصح العاملين، وبيان حرمة ما يقدمون عليه من غش وخداع، وذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم.
وللفائدة انظر الفتوى: 116294 والفتوى: 52212.
والله أعلم.