الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الوالدين العدل بين الأولاد، لكن إذا لم يعدلا بين أولادهما فإنّ ذلك لا يسقط حقهما على أولادهما في البر والطاعة في المعروف، فإنّ حق الوالدين عظيم، وقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك.
فالواجب عليكم بر والديكم و الإحسان إليهما، و لا يجوز لكم مقاطعتهما أو التقصير في حقهما، فإن عقوقهما من أكبر الكبائر ومن أسباب سخط الله، كما أن برّهما من أفضل القربات عند الله، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.
كما لا يجوز لكم مقاطعة إخوتكم لغير مسوّغ شرعي، فإن قطع الرحم من الكبائر، وقد نهى الشرع عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
فكيف إذا كان التدابر والهجران بين الأولاد والوالدين والإخوة من النسب؟
ولا شك أن الحقد خلق ذميم يضر ولا ينفع والشيطان يغذيه وينميه، فينبغي الحذر منه، و اعلموا أنّ في العفو خيراً عظيما وأنه يزيد صاحبه عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ..وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا. وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم.ٌ {النور:22}.
كما أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.