الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن كل ما يصيب العبد في هذه الدنيا من خير أو شر إنما هو بقدر الله تعالى، ووظيفة المؤمن هي أن يرضى بقضاء الله تعالى ويستسلم لحكمه، وأن يشكر نعمته ويحمده عليها فإذا أنعم عليه شكر وإذا ابتلي صبر، كما قال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له. أخرجه مسلم.
واعلمي كذلك أن عقل الإنسان قاصر عن إدراك حقائق الأشياء ومآلات الأمور، فاستسلامه لما يقدره الله خير له، فقد يكون الخير فيما منع منه، وقد يكون الشر فيما رغب فيه، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، وإذا علمت ما ذكرناه فلا تحزني لما فاتك، ولا إثم عليك في تركك لهذا العمل، ولكننا ننصحك بأن تستفيدي من هذه التجربة فلا تتعجلي في اتخاذ قرارات قد تندمين عليها فيما بعد، بل عليك بالأناة والتؤدة والتريث في اتخاذ القرار لتكوني على بينة من أمرك، والعجلة مذمومة على كل حال إلا في أمر الآخرة، ومما تستفيدينه من هذه التجربة ألا يضيق ذرعك بأدنى عائق يقابلك، بل عليك أن تتذرعي بالصبر والحكمة في معالجة المشاكل، ثم اتركي الندم على ما فات فإنه لا ينفع، واشتغلي بالبحث عما ينفعك في دينك ودنياك، واعلمي أن باب الله تعالى مفتوح لا يغلق في وجه سائل، وأن رحمة الله تعالى عظيمة وفضله واسع ويمينه ملأى، سحاء الليل والنهار، فلا حد لجوده ولا نهاية لكرمه تبارك وتعالى، فاجتهدي في دعائه تعالى وألحي عليه في المسألة فإنه يحب الملحين في الدعاء بل إن من عظيم كرمه وواسع فضله أنه يغضب من العبد إذا لم يسأله، فتضرعي لربك تعالى واجتهدي في الدعاء أن ييسر لك الخير حيث كان وأن يوفقك لما فيه رضاه، وليس دعاؤك من التبجح ولا من التعدي بل هو عمل يحبه الله ويثيب فاعله، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. {غافر:60}. ونختم بتنبيهك على ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية في العمل الذي تبحثين عنه بحيث يكون خاليا من المحاذير الشرعية من تبرج واختلاط ونحو ذلك، كما أن قرارك في بيتك خير لك وأحسن عاقبة وأحمد مآلا، ما لم تكن بك إلى العمل حاجة، وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.