الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه لأمك العافية والشفاء، ولك الهداية والتوفيق والقيام بحقوق أمك وأسرتك... ثم بعد ذلك نقول: لا شك أن ما آل إليه حال أمك من إصابتها بهذا المرض العضال الذي أقعدها وأفقدها القدرة على القيام بضروراتها وحاجياتها ما يحتم عليك القيام بحقها أتم قيام وذلك بخدمتها ورعايتها حتى تتعافى من مرضها أو يقدر الله لها أمراً آخر، ولكن لا يتعين عليك مباشرة ذلك بنفسك، بل يمكنك أن تستأجري لأمك خادمة تلازمها ليلاً ونهاراً وتقوم على رعايتها أتم الرعاية، ثم إن كانت أمك غنية فإن أجرة الخادمة تكون عليها، وإن كانت أمك فقيرة فإن أجرة الخادمة تلزمك أنت.
فإن لم يتيسر ذلك فعليك أن ترجعي أنت للقيام بواجبك تجاه أمك ولو أدى ذلك إلى طلاقك من زوجك، لأنه قد تعين عليك خدمة أمك تعيناً متأكداً، والأولى أن تأخذي أولادك معك لأن مقامهم في بلاد الكفر مآله خطير وقلَّ من أقام بهذه البلاد إلا وقد أصابه من الفتن ما أفسد عليه دينه وخلقه، وقد بينا خطر الإقامة في هذه البلاد في الفتوى رقم: 2007.
فإن خفت على نفسك وولدك من الظروف الأمنية السيئة فيمكنكم أن تهاجروا إلى إحدى البلاد المسلمة بشرط أن تصطحبي أمك معك لتكون في رعايتك.
وأما نفقة الأولاد الصغار فإنها تلزم أباهم إذا كانوا فقراء لا مال لهم وهذا بإجماع أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. انتهى.
وأما البالغون فقد اختلف أهل العلم في نفقتهم، جاء في سبل السلام: قال ابن المنذر: اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب، فأوجب طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أو بالغين، إناثاً أو ذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن الآباء. وذهب الجمهور إلى أن الواجب الإنفاق عليهم إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، ثم لا نفقة على الأب إلا إذا كانوا زمنى، فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب. انتهى.. والراجح أن انشغال الولد البالغ بالتعليم وعدم تفرغه للعمل بسبب ذلك يوجب نفقته على أبيه ولو كان صحيحاً، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 113285.
والله أعلم.