الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك على أنك قد أخطأت بسب زوجتك وعصيت بذلك ربك، فإن سباب المسلم من المعاصي العظيمة التي توجب الفسق لصاحبها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه.
وسبق أن بينا أن اعتداء الزوج على زوجته دون سبب يعتبر من كبائر الذنوب، جاء في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر": الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى
ويراجع بيان إثم السب واللعن في الفتويين التاليتين: 8334 ، 6561.
أما خروج الزوجة من بيتها فلا يجوز إلا بإذن الزوج، وقد استدل العلماء على ذلك بأدلة كثيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن. رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قال النووي: استدل به على أنَّ المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن. انتهى.
ويستثنى من ذلك بعض الحالات التي بيناها في الفتوى رقم: 95195 ، ومن هذه الحالات أن تخرج للاستعانة بمن يدفع عنها الضرر من ولي وقاض. قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج وهو يعدد الحالات التي للزوجة الخروج فيها بدون إذن الزوج: إلا أن يشرف البيت... على انهدام. أو تخاف على نفسها أو مالها -كما هو ظاهر- من فاسق أو سارق... أو تحتاج إلى الخروج لقاضٍ تطلب عنده حقها أو لتعلم أو استفتاء إن لم يغنها الزوج الثقة... انتهى.
فإن كانت زوجتك قد خرجت من بيتها لسبب من هذه الأسباب المعتبرة فلا حرج عليها في ذلك، ولكن كان يجب عليها الرجوع إذا انقضت حاجتها، أما أن تذهب للإقامة في بيت أبيها وترفض الرجوع فهذا لا يجوز. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله سبحانه من ذلك، وأن تبادر بالرجوع إلى بيتها خصوصا بعد اعتذارك لها. ونوصيك بالترفق بها والبعد عن إيذائها حتى وإن صدر منها ما لا ينبغي، ويمكنك أن توسط بينك وبينها بعض أهل الخير والصلاح ليصلحوا ذات بينكم إن تعذر الصلح بمباشرتها بالكلام.
والله أعلم.